للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والفرس، والكلب، والبدنة التي تُهدَي، ونحوها. انتهى.

وقال في "الفتح" عند قول البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "بابُ تقليد النعل" ما نصّه: يَحْتَمِل أن يريد الجنس، ويَحْتَمِل أن يريد الوحدة؛ أي النعل الواحدة، فيكون فيه إشارة إلى من اشترط نعلين، وهو قول الثوريّ، وقال غيره: تجزئ الواحدة، وقال آخرون: لا تتعيّن النعل، بل كلّ ما قام مقامها أجزأ، حتى أُذُن الإداوة، ثم قيل: الحكمة في تقليد النعل أن فيه إشارةً إلى السفر، والْجِدّ فيه، فعلى هذا يتعين، والله أعلم.

وقال ابن الْمُنَيِّر في "الحاشية": الحكمة فيه أن العرب تعتدّ النعل مركوبةً؛ لكونها تقي عن صاحبها، وتَحْمِل عنه وَعْرَ الطريق، وقد كَنَى بعضُ الشعراء عنها بالناقة، فكأن الذي أهدى خرج عن مركوبه لله تعالي، حيوانًا وغيره، كما خرج حين أحرم عن ملبوسه، ومن ثم استُحِبّ تقليد نعلين، لا واحدة، وهذا هو الأصل في نذر المشي حافيًا إلى مكة. انتهى (١).

(ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذه الراحلة غير التي أشعرها، وفيه استحباب الركوب في الحجِّ، وأنه أفضل من المشيّ، وقد سبق بيانه مرات.

(فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ) أي البيداء الذي أمام ذي الحليفة (أَهَلَّ بِالْحَجِّ) أي مع العمرة، كما سبق أن الصحيح أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قارنًا من أول الأمر بعدما جاءه الأمر من ربه، وأمره أن يقول: "عمرة في حجة".

وتقدّم أيضًا أن إهلاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان في محل صلاته حينما انبعثت به راحلته، وأما في البيداء فإهلال آخر سمعه ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، فأخبر به، ولم يسمع ما قبله، وسمعه ابن عمر - رضي الله عنهما -، فأخبر به، فكان الأخذ به أخذًا بزيادة الثقة، فتفطّن.

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وفيه استحباب الإحرام عند استواء الراحلة، لا قبله، ولا بعده، قال: وأما إحرامه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحج فهو المختار، وقد سبق بيان الخلاف في ذلك واضحًا. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الفتح" ٤/ ٦٥٦، ٦٥٧.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ٢٢٩.