للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ طَاوُسٍ) أنه (قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ) بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - (أَعَلِمْتَ) الهمزة للاستفهام (أَنِّي قَصَّرْتُ) بتشديد الصاد المهملة، من التقصير، وفي لغة يجوز تخفيفها، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقَصُرَ الشيءُ بالضمّ قِصَرًا، وزانُ عِنَبٍ: خلاف طال، فهو قصير، والجمع قِصَارٌ، ويتعدَّى بالتضعيف، فيقال: قَصَّرتُهُ، وعليه قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}، وفي لغة: قَصَرته، من باب قَتَلَ، وأقصرته: إذا أخذت من طوله. انتهى (١). (مِنْ رَأْسِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْمَرْوَةِ) أي عند المكان المعروف بهذا الاسم، وهو في الأصل واحدة المرو، وهي الحجارة الْبِيض، ثم سُمّي به الجبل المعروف بمكة.

(بِمِشْقَصٍ) -بكسر الميم، وإسكان الشين المعجمة، وفتح القاف- قال أبو عبيد وغيره: هو نَصْلُ السهم إذا كان طويلًا، ليس بعريض، جمعه مَشاقص، فإذا كان عريضًا فهو مَعْبَلة، وجمعه معابل، وقال أبو حنيفة الدِّينَوَرِيّ: هو كلّ نَصْل فيه عَيْرٌ (٢)، وهو الناتئ وسط الحربة، وقال الخليل: هو سهم فيه نصل عريضٌ، يُرْمَى به الوحش. انتهى.

قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا يُشعر بأن ذلك كان في نسك، إما حج، أو عمرة، وقد ثبتٌ أنه حلق في حجته، فتعيّن أن يكون في عمرة، ولا سيما وقد روى مسلم في هذا الحديث أن ذلك كان بالمروة، ولفظه: "قصّرت عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمشقص على المروة"، أو "رأيته يُقَصَّر عنه بمشقص، وهو على المروة".

وهذا يَحْتَمل أن يكون في عمرة القضيّة، أو الجعرانة، لكن وقع عند مسلم من طريق أخرى عن طاوس بلفظ: "أما علمت أني قصّرت عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمشقص، وهو على المروة، فقلت له: لا أعلم هذه إلَّا حجة


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٥.
(٢) بفتح، فسكون.