عليك"، وبيّن المراد من ذلك في رواية النسائيّ، فقال بدل قوله: "فقلت له: لا. . إلخ": يقول ابن عباس: "وهذه على معاوية أن ينهى الناس عن المتعة، وقد تمتّع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، ولأحمد من وجه آخر عن طاوس عن ابن عباس، قال: "تمتع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى مات" الحديث، وقال: أول من نهى عنها معاوية، قال ابن عباس: فعجبت منه، وقد حدثني أنه قصّر عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمشقص. انتهى.
وهذا يدلّ على أن ابن عبّاس حمل ذلك على وقوعه في حجة الوداع؛ لقوله لمعاوية: "إن هذه حجة عليك"؛ إذ لو كان في العمرة لما كان فيه على معاولة حجة.
وأصرح منه ما وقع عند أحمد من طريق قيس بن سعد، عن عطاء: "أن معاوية حدّث أنه أخذ من أطراف شعر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أيام العشر بمشقص معي، وهو محرم"، وفي كونه في حجة الوداع نظر؛ لأن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يحلّ حتى بلغ الهدي محله، فكيف يقصّر عنه على المروة.
وقد بالغ النوويّ هنا في الردّ على من زعم أن ذلك كان في حجة الوداع، فقال: هذا الحديث محمول على أن معاوية قصّر عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عمرة الجعرانة؛ لأن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجة الوداع كان قارنًا، وثبت أنه حلق بمني، وفرّق أبو طلحة شعره بين الناس، فلا يصحّ حمل تقصير معاوية على حجة الوداع، ولا يصحّ حمله أيضًا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع؛ لأن معاوية لَمْ يكن يومئذ مسلمًا، إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان، هذا هو الصحيح المشهور، ولا يصحّ قول من حمله على حجة الوداع، وزعم أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان متمتّعًا؛ لأن هذا غلط فاحش، فقد تظاهرت الأحاديث في مسلم وغيره أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قيل له: "ما شأن الناس حلّوا من العمرة، ولم تحلّ أنت من عمرتك؟، فقال: إني لبّدت رأسي، وقلّدت هديي، فلا أحلّ حتى أنحر".
قال الحافظ: ولم يذكر الشيخ هنا ما مرّ في عمرة القضيّة، والذي رجحه