للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأربعين، وحَكَى ابن الجوزيّ في "التلقيح" ستًّا وخمسين، وعدّ المسعوديّ ستين، وبلّغها الحافظ العراقيّ في "نظم السيرة" زيادة على السبعين، ووقع عند الحاكم في "الإكليل" أنَّها تزيد على مائة، فلعله أراد ضمّ المغازي إليها. انتهى كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وسيأتي البحث في هذا مستوفًى في "الجهاد والسير" حيث يذكره المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - هناك - إن شاء الله تعالى -.

(وَأَنَّهُ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حَجَّ بَعْدَمَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً) زاد في رواية البخاريّ: "لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا"، وقوله: (حَجَّةَ الْوَدَاعِ) بالنصب على البدليّة من "حجةً"، أو مفعولًا لفعل محذوف؛ أي: أعني، ويَحتمل الرفع على تقدير مبتدإ؛ أي: هي حجةُ الوداع (قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ) السَّبيعيّ، وهو موصول بالإسناد المذكور (وَبِمَكَّةَ أُخْرَى) يعني أنه حج حجة أخرى بمكة قبل أن يهاجر، قال في "العمدة": وهذا يوهم أنه لَمْ يحج قبل الهجرة إلَّا حجة واحدة، وليس كذلك، بل حجّ قبل الهجرة مرارًا عديدة. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "لَمْ يحج بعدها"؛ يعني ولا حج قبلها، إلَّا أن يريد نفي الحج الأصغر، وهو العمرة فلا، فإنه اعتمر قبلها قطعًا.

وقوله: قال أبو إسحاق: "وبمكة أخرى" وغرضه أن لقوله: "بعدما هاجر" مفهومًا، وأنه قبل أن يهاجر كان قد حَجّ، لكن اقتصاره على قوله: "أخرى" قد يوهم أنه لَمْ يحجّ قبل الهجرة إلَّا واحدةً، وليس كذلك، بل حجّ قبل أن يهاجر مرارًا، قال الحافظ: بل الذي لا أرتاب فيه، أنه لَمْ يترك الحجِّ، وهو بمكة قطّ؛ لأن قريشًا في الجاهلية لَمْ يكونوا يتركون الحجِّ، وَإنما يتأخر منهم عنه من لَمْ يكن بمكة، أو عاقه ضعف، وإذا كانوا، وهم على غير ديني يَحرِصون على إقامة الحجِّ، ويرونه من مفاخرهم التي امتازوا بها على غيرهم من العرب، فكيف يُظَنّ بالنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه يتركه، وقد ثبت من حديث جبير بن مطعم، أنه رآه في الجاهلية واقفًا بعرفة، وأن ذلك من توفيق الله له، وثبت


(١) "الفتح" ٩/ ٧، ٨، كتاب المغازي، رقم (٣٩٤٩).
(٢) "عمدة القاري" ١٨/ ٤١.