تصريح ابن جريجٍ بالإخبار، وهو معروف بالتدليس، فأمن من تدليسه.
٣ - (ومنها): أن فيه ابن عباس - رضي الله عنهما - الحبر البحر ترجمان القرآن، أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَن ابْنِ جُرَيْجٍ) أنه (قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (يُحَدِّثُنَا) جملة في محلّ نصب على الحال (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِامْرَأَةٍ مِنَ الأنصَارِ، سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَنَسِيتُ اسْمَهَا) القائل: نسيت اسمها هو ابن جريجٍ، بخلاف ما يتبادر إلى الذهن من أن القائل عطاء، وإنما قلنا ذلك؛ لما في الرواية الثانية عند المصنّف من طريق حبيب المعلّم، عن عطاء، من تسميتها، حيث قال:"عن ابن عبّاس: أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لامرأة من الأنصار، يقال لها: أم سنان: ما منعكِ أن تكوني حججت معنا … ؟ " الحديث، أفاده الحافظ - رَحِمَهُ اللهَ -.
قال: وَيحْتَمل أن عطاء كان ناسيًا لاسمها لَمّا حدث به ابنَ جريجٍ، وذاكرًا له لما حدّث به حبيبًا.
وقد خالفه يعقوب بن عطاء، فرواه عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال: جاءت أم سليم إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: حجّ أبو طلحة، وابنه، وتركاني، فقال:"يا أمّ سُليم، عمرة في رمضان تعدل حجة معي"، أخرجه ابن حبّان، وتابعه محمد بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلي، عن عطاء، أخرجه ابن أبي شيبة، وتابعهما مَعقِل الجزريّ، لكن خالف في الإسناد، قال: عن عطاء، عن أم سُليم، فذكر الحديث دون القصّة، فهؤلاء ثلاثة يبعد أن يتّفقوا على الخطإ، فلعلّ حبيبًا لَمْ يحفظ اسمها كما ينبغي، لكن رواه أحمد بن منيع في "مسنده" بإسناد صحيح، عن سعيد بن جبير، عن امرأة من الأنصار، يقال لها: أم سنان أنَّها أرادت الحجِّ … فذكر الحديث نحوه، دون ذكر قصّة زوجها.
وقد وقع شبيه بهذه القصّة لأم معقل، أخرجه النسائيّ في "الكبرى" من طريق معمر، عن الزهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث، عن امرأة من بني أسد، يقال لها: أم معقل، قالت: أردت الحجِّ، فاعتلّ بعيري، فسألت النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقال:"اعتمري في شهر رمضان، فإن عمرة في رمضان تعدل حجة".