للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": الرَّمَلُ بفتح الراء والميم: هو الإسراع، وقال ابن دريد: هو شبيه بالهرولة، وأصله أن يُحرّك الماشي منكبيه في مشيه.

قال: والخبب بفتح المعجمة، والموحّدة، بعدها موحّدة أخرى: العدو السريع، يقال: خَبّت الدابّة: إذا أسرعت، وراوحت بين قدميها، قال: وهذا يشعر بترادف الرمل والخبب عند هذا القائل. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: والرَّمَل مستحبّ في الطوْفَات الثلاث الأُوَل من السبع، ولا يسنّ ذلك إلا في طواف العمرة، وفي طواف واحد في الحجّ، واختلفوا في ذلك الطواف، وهما قولان للشافعيّ: أصحهما أنه إنما يُشرع في طواف يعقبه سعيٌ، ويتصور ذلك في طواف القدوم، ويتصور في طواف الإفاضة، ولا يتصور في طواف الوداع؛ لأن شرط طواف الوداع أن يكون قد طاف للإفاضة، فعلى هذا القول إذا طاف للقدوم، وفي نيته أنه يسعى بعده استُحِبّ الرمل فيه، وإن لم يكن هذا في نيته لم يرمل فيه، بل يرمُل في طواف الإفاضة.

والقول الثاني أنه يرمُل في طواف القدوم، سواء أراد السعي بعده أم لا، والله أعلم. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا القول عندي أرجح؛ لموافقته لظاهر قوله: "كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول … "، فقد علّقه بكونه أول الطواف، وهو طواف القدوم، لا بالسعي بعده، فتامل، والله تعالى أعلم.

قال: قال أصحابنا: فلو أخلّ بالرمل في الثلاث الأُوَل من السبع لم يأت به في الأربع الأواخر؛ لأن السنة في الأربع الأخيرة المشي على العادة، فلا يُغَيِّره، ولو لم يمكنه الرمل للزحمة أشار في هيئة مشيه إلى صفة الرمل، ولو لم يمكنه الرمل بقرب الكعبة للزحمة، وأمكنه إذا تباعد عنها فالأولى أن يتباعد، ويرمُل؛ لأن فضيلة الرمل هيئة للعبادة في نفسها، والقرب من الكعبة هيئة في موضع العبادة، لا في نفسها، فكان تقديم ما تعلق بنفسها أولى، والله أعلم.

قال: واتفق العلماء على أن الرمل لا يُشْرَع للنساء، كما لا يُشْرَع لهنّ


(١) "الفتح" ٤/ ٥٣٢، ٥٣٣.