للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شدة السعي بين الصفا والمروة، ولو ترك الرجل الرمل حيث شُرع له، فهو تارك سنة، ولا شيء عليه، قال: هذا مذهبنا، واختَلَف أصحاب مالك، فقال بعضهم: عليه دمٌ، وقال بعضهم: لا دم كمذهبنا. انتهى كلام النوويّ رحمهُ اللهُ (١).

(وَمَشَى)؛ أي: بالسكون والهيئة (أَرْبَعًا)؛ أي: أربع مرّات من الطواف.

(وَكَانَ) -صلى الله عليه وسلم- (يَسْعَى)؛ أي: يُسرع، ويَشتدّ عَدْوًا، قاله القاري.

(واعلم): أن السعي في كلامهم يُطْلَق على معنيين: الأول: المشي بين الصفا والمروة، وهو المذكور في كلامهم؛ إذا أطلقوا السعي بين الصفا والمروة.

والثاني: شِدّة المشي بين الميلين الأخضرين، وهو المراد في هذا الحديث، وهو مندوب وسنة عند الجمهور، منهم الحنفية، والشافعيّة، وهو المرجح عند المالكية (٢).

(بِبَطْنِ الْمَسِيلِ) أي المكان الذي يجتمع فيه السيل، قال في "الفتح": المراد ببطن المسيل الوادي؛ لأنه موضع السيل، وقال القاري: بطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة: اسم موضع بين الصفا والمروة، وجعل علامته بالأميال الْخُضْر. انتهى، والميلان الأخضران هما العَلمان، أحدهما بركن المسجد، والآخر بالموضع المعروف بدار العباس، وقد أزيلت الدار للتوسعة من قديم الزمان، وفي الوقت الحاضر جعلت المملكة السعوديّة نورين أخضرين معلّقين ببداية مكان الوادي ونهايته.

(إِذَا طَافَ)؛ أي: سعى (بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هذا مجمع على استحبابه، وهو أنه إذا سعى بين الصفا والمروة استُحِبّ أن يكون سعيه شديدًا في بطن المسيل، وهو قَدْرٌ معروف، وهو مِن قَبْل وصوله إلى الميل الأخضر المعلَّق بفناء المسجد، إلى أن يحاذى الميلين الأخضرين المتقابلين اللذين بفناء المسجد، ودار العباس. انتهى (٣).

(وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) -رضي الله عنهما- (يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي ما ذُكر من الرمل في الثلاثة الأول، والمشي في الأربع، في الطواف بالبيت، وكذلك السعي في بطن


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ٧.
(٢) راجع: "المرعاة" ٩/ ٩١.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ٧.