هذا حكم كل طواف واجب، وغير واجب، وهذه طوفة واحدة، يفعل ذلك ثلاثة أطواف، يرمل فيها، ثم أربعة مثلها لا يرمل فيها؛ إذا كان هذا كله في طواف الدخول.
وهذا كله إجماع من العلماء، أنه من فعل هكذا فقد فعل ما ينبغي، فإن لم يطف كما وصفنا، وجعل البيت عن يمينه، ومضى من الركن الأسود على يساره، فقد نكَّس طوافه، ولم يجزه ذلك الطواف عندنا.
واختلف الفقهاء فيمن طاف الطواف الواجب منكوسًا، فقال مالك، والشافعيّ، وأصحابهما: لا يجزئه الطواف منكوسًا، وعليه أن ينصرف من بلاده فيطوف؛ لأنه كمن لم يطف، وهو قول الحميديّ، وأبي ثور.
وقال أبو حنيفة، وأصحابه: يعيد الطواف ما دام بمكة، فإذا بلغ الكوفة، أو أبعد كان عليه دم ويجزئه.
وكلهم يقول: إذا كان بمكة أعاد، وكذلك القول عند مالك، والشافعيّ، فيمن نسي شوطًا واحدًا من الطواف أنه لا يجزئه، وعليه أن يرجع من بلاده على بقية إحرامه، فيطوف.
وقال أبو حنيفة: إن بلغ بلده لم ينصرف، وكان عليه دم.
قال أبو عمر: حجة من لم يجز الطواف منكوسًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استلم الركن في أول طوافه، وأخذ عن يمينه، وجعل البيت عن يساره، وقال:"خذوا عني مناسككم"، فمن خالف فعله فليس بطائف، وفعله مردود عليه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه، فهو ردٌّ".
وحجة أبي حنيفة أنه طواف قد حصل بالبيت سبعًا، ولم يأت به على سنته، فيجبر بالدم إذا رجع إلى بلده، أو أبعد؛ لأن سنن الحج تجبر بالدم.
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن ما ذهب إليه مالك، والشافعيّ، ومن قال بقوله: من أن الطواف المنكوس لا يُجزئ، هو الحق؛ لوضوح أدلّته، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
قال أبو عمر رحمهُ اللهُ: وأما الرمل: فهو المشي خَبَبًا يشتدّ فيه، دون الهرولة، وهيئته أن يُحَرِّك الماشي منكبيه؛ لشدة الحركة في مشيه، هذا حكم