للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والفاعل حاسدٌ، وحَسُودٌ، والجمع حُسّادٌ وحَسَدَة، قاله الفيّوميّ رحمهُ اللهُ (١).

(قَالَ) ابن عبّاس (فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَرْمُلُوا) بفتح أوله، وضمّ ثالثه، من باب طلب (ثَلَاثًا)؛ أي: ثلاث أطوفة (وَيَمْشُوا أَرْبَعًا، قَالَ) أبو الطفيل (قُلْتُ لَهُ) أي لابن عبّاس -رضي الله عنهما- (أَخْبِرْنِي عَن الطَّوَافِ)؛ أي: السعي (بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا) منصوب على الحال (أَسُنَّةٌ هُوَ؟ فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ، قَالَ: صَدَقُوا، وَكَذَبُوا) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: يعني صدقوا في أنه -صلى الله عليه وسلم- طاف راكبًا، وكذبوا في أن الركوب أفضل، بل المشي أفضل، وإنما ركب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- للعذر الذي ذكره، قال: وهذا الذي قاله ابن عباس -رضي الله عنهما- مجمع عليه، أجمعوا على أن الركوب في السعي بين الصفا والمروة جائز، وأن المشي أفضل منه، إلا لعذر. انتهى (٢).

(قَالَ) أبو الطفيل (قُلْتُ: وَمَا قَوْلُكَ: صَدَقُوا، وَكَذَبُوا؟ قَالَ) ابن عبّاس (إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَثُرَ) بضمّ الثاء المثلّثة (عَلَيْهِ النَّاسُ، يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، هَذَا مُحَمَّدٌ) أي لكونه غاب عن مكة سنين عديدةً، فاستغربوا رؤيتهم له في ذلك المكان (حَتى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ) جمع عاتق، وهي البكر البالغة، أو المقاربة للبلوغ، وقيل: التي تتزوج، سُمّيت بذلك؛ لأنها عَتَقَت من استخدام أبويها، وابتذالها في الخروج، والتصرف التي تفعله الطفلة الصغيرة، وقد سبق بيان هذا في صلاة العيد، قاله النوويّ رحمهُ اللهُ (٣).

وقوله: (مِنَ الْبُيُوتِ) متعلّقٌ بـ "خرج" (قَالَ) ابن عبّاس (وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَا يُضْرَبُ) بالبناء للمفعول (النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ)؛ أي كما يُضرب بين يدي الرؤساء والجبابرة (فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ، وَالْمَشْيُ)؛ أي على الأقدام (وَالسَّعْيُ)؛ أي بين الميلين الأخضرين (أَفْضَلُ) من الركوب؛ لأنه يمنع من سنّة السعي بينهما، وهذا الذي قاله ابن عبّاس -رضي الله عنهما- هنا هو الحقّ، كما أشار إليه النوويّ في كلامه المذكور آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٣٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٩/ ١١.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ١١، ١٢.