للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأُوَل، ومشى في الأربع، ثم قال -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك: "لتأخذوا مناسككم عني". انتهى كلام النوويّ رحمهُ اللهُ (١).

(قَالَ) أبو الطفيل (قُلْتُ: مَا) استفهاميّة (قَوْلُكَ) أي ما معنى قولك: (صَدَقُوا، وَكَذَبُوا؟ قَالَ) ابن عبّاس -رضي الله عنهما- (إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدِمَ مَكَّةَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا) -صلى الله عليه وسلم- (وَأَصْحَابَهُ) -رضي الله عنهم- (لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِنَ الْهُزَالِ) بضمّ الهاء، وتخفيف الزاي، بعدها ألف، ثم لام: اسم من الْهُزل، بضم، فسكون: وهو الضعف، ووقع في "شرح النوويّ" بلفظ: "الْهُزْل"، فقال: هكذا هو في معظم النسخ: "الْهُزْل" -بضم الهاء، وإسكان الزاي- وهكذا حكاه القاضي في "المشارق"، وصاحب "المطالع" عن رواية بعضهم، قا لا: وهو وَهَمٌ، والصواب الْهُزَال -بضم الهاء، وزيادة الألف- قال النوويّ: وللأول وجه، وهو أن يكون بفتح الهاء؛ لأن الهزل بالفتح مصدر هَزَلته هَزْلًا، كضربته ضربًا، وتقديره: لا يستطيعون يطوفون؛ لأن الله تعالى هَزَلهم، والله أعلم. انتهى.

وقال الفيّوميّ: "هَزَلْتُ الدابّة أَهزِلها، من باب ضرب هُزْلًا، مثلُ قُفْلٍ: أضعفتها بإساءة القيام عليها، والاسم الْهُزَال، وهُزِلت بالبناء للمفعول، فهي مهزولةٌ، فإن ضَعُفت من غير فعل المالك قيل: أهزل الرجلُ بالألف: أي وقع في ماله الْهُزال. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما قاله الفيّوميّ أن الْهُزل بالضمّ مصدر، فلا داعي لدعوى الفتح، كما قاله النوويّ، فتأمل، والله تعالى أعلم.

(وَكَانُوا يَحْسُدُونَهُ) أي وكان المشركون يحسدون النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، يقال: حسدته على النعمة، وحسَدته النعمة حَسَداً بفتح السين أكثرُ من سكونها، يتعدّى إلى الثاني بنفسه، وبالحرف: إذا كرهتها عنده، وتمنّيت زوالها عنه، وأما الحسَد على الشجاعة، ونحو ذلك فهو الغِبْطة، وفيه معنى التعجّب، وليس فيه تمنّي زوال ذلك عن المحسود، فإن تمنّاه فهو القسم الأول، وهو حرام،


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٠.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٨.