للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأوطان، والله أعلم. انتهى (١).

(وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ) قال الطبريّ رحمهُ اللهُ: إنما قال ذلك عمر -رضي الله عنه-؛ لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخَشِيَ عمر أن يظنّ الجهّال أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار، كما كانت العرب تفعل في الجاهليّة، فأراد عمر أن يعلّم الناس أن استلامه اتباع لفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا لأن الحجر ينفع، ويضرّ بذاته، كما كانت الجاهليّة تعتقده في الأوثان.

وقال المهلّب رحمهُ اللهُ: حديث عمر هذا يرد على من قال: إن الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده (٢)، ومعاذ الله أن يكون لله جارحة، وإنما شرع تقبيله اختيارًا ليعلم بالمشاهدة طاعة من يطيع، وذلك شبيه بقصّة إبليس حيث أمر بالسجود لآدم.

وقال الخطابيّ رحمهُ اللهُ: معنى أنه يمين الله في الأرض أن من صافحه في الأرض كان له عند الله عهد، وجرت العادة بأن العهد يعقده الملك بالمصافحة لمن يريد موالاته، والاختصاص به، فخاطبهم بما يعهدونه، وقال المحبّ الطبريّ: معناه: أن كلّ مَلِكٍ إذا قدم عليه الوافد قبّل يمينه، فلما كان الحاجّ أول ما يقدم يسنّ له تقبيله، نزل منزلة يمين الملك، ولله المثل الأعلى. انتهى.

وقوله: (زَادَ هَارُونُ فِي رِوَايَتِهِ) بيّن به اختلاف شيخيه، فهذا الذي مضى لفظ شيخه حرمة بن يحيى، وأما شيخه هارون فقد زاد عليه قوله: (قَالَ عَمْرٌو) أي ابن الحارث، وهو موصول بالإسناد السابق، وليس معلّقًا (وَحَدَّثَنِي بِمِثْلِهَا) أي بمثل هذه القصّة (زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ) العدويّ (عَنْ أَبِيهِ أَسْلَمَ) مولى عمر -رضي الله عنه-، أي عمر، يعني أن لعمرو بن الحارث في هذا الحديث إسنادين: أحدهما ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن عمر -رضي الله عنه-، والثاني عن زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم، عن عمر -رضي الله عنه-، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٦، ١٧.
(٢) هذا حديث منكر. انظر: "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألبانيّ رحمه اللهُ ١/ ٣٩، فلا ينبغي الاشتغال بتأويله، فتبصّر.