للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدخول، وقد قيل: إن ناقته -صلى الله عليه وسلم- كانت مُنَوَّقَةً، أي مدربة مُعَلَّمَةً، فيؤمن منها ما يحذر من التلويث، وهي سائرة. انتهى.

وتعقّبه العينيّ رحمهُ اللهُ، فقال: وفيه -يعني قوله: "فحيث يخشى التلويث" إلخ- نظر؛ لأن قوله -صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة حين قالت له: إني أشتكي: "طوفي من وراء الناس، وأنت راكبة" لا يدل على أن الجواز وعدمه دائران مع التلويث، بل ظاهره يدل على الجواز مطلقًا عند الضرورة.

وقال في قوله: إن ناقته -صلى الله عليه وسلم- كانت منوقة إلخ ما نصه: قلت: سلّمنا هذا في ناقة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولكن ما يقال في الناقة التي كانت عليها أم سلمة، وهي طائفة؟ ولئن قيل: إنها كانت ناقة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قيل له: يحتاج إلى بيان ذلك بالدليل. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لقد أجاد العينيّ رحمهُ اللهُ في هذا التعقّب، ثم إن ما قالوه من التلويث وغيره مبني على نجاسة الأبوال، وقد قدمنا في "كتاب الطهارة" أن الراجح طهارة أبوال الحيوانات المأكولة اللحم؛ اللَّهم إلا إذا أريد الاستقذار من غير نجاسة؛ كمنع النخامة والبزاق في المسجد للاستقذار، لا للنجاسة، فتأمل، والله تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): جواز الطواف راكبًا، ولا كراهة فيه، قال العيني: فإن كان غير معذور يُعتبر عندنا، وعند الشافعيّ لا يجوز، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الطواف بالبيت صلاة … "، ولنا: إطلاق قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]، وهو مطلق، والحديث للتشبيه فلا عموم له، وبقولنا قال ابن المنذر، وجماعة.

وقال القرطبيّ: الجمهور على كراهة ذلك. قلنا: نحن أيضًا نقول بالكراهة، حتى إنه يعيده ما دام بمكة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بالكراهة يحتاج إلى دليل، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): جواز قول حَجّة الوداع، وقد قدمنا أن بعض العلماء كره


(١) "عمدة القاري" ٤/ ٢٤١.
(٢) "عمدة القاري" للعيني ٤/ ٢٤١.