(ومنها): أن رجاله كلهم رجال الجماعة، غير شيخه، فما أخرج له أبو داود، وابن ماجه.
٣ - (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فنيسابوريّ، وأبي معاوية فكوفيّ.
٤ - (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه، عن خالته، وتابعي عن تابعيّ.
٥ - (ومنها): أن عروة أحد الفقهاء السبعة المشهورين بالمدينة.
٦ - (ومنها): أن فيه عائشة -رضي الله عنها- عن المكثرين السبعة، روت (٢٢١٠) أحاديث، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزبير (عَنْ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها- (قَالَ) عروة (قُلْتُ لَهَا) أي لعائشة -رضي الله عنها- (إِنِّي لَأَظُنُّ رَجُلًا لَوْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَا) نافية (ضَرَّهُ) أي لا يضرّه في صحّة حجه عدم طوافه بين الصفا والمروة (قَالَتْ) عائشة -رضي الله عنها- (لِمَ؟) هي "ما" الاستفهاميّة حُذفت ألفها جوازًا؛ لكونها، كما قال في "الخلاصة":
(قُلْتُ: لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ) محصّل كلام عروة رحمهُ اللهُ أنه احتجّ على ما قاله من الإباحة في السعي بين الصفا والمروة، وعدم وجوبه باقتصار الآية على رفع الْجُنَاح، فلو كان واجبًا لما اكتفى بذلك؛ لأن رفع الإثم علامة المباح، ويزداد المستحبّ بإثبات الأجر، ويزداد الوجوب عليهما بعقاب التارك.
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: إنما فَهِمَ هذا عروة من ظاهر قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، ووجه فهمه أن رفع الحرج عن الفعل إنما يُشعر بإباحته، لا بوجوبه، وهو مُقتضى ظاهرها؛ إذا لم يُعْتَبَر سبب نزولها، فإذا وُقِف على سبب نزولها تحقق الواقع عليه: أنها إنما أتت رافعة لحرج من تحرَّج من الطواف بينهما على ما يأتي.