للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البيهقيّ: وهذه الرواية إن صحّت تدلّ على أن الأمر فيه صار إلى الوجوب.

(المذهب الرابع): أن على من ترك السعي أن يأتي بعمرة، رواه ابن أبي شيبة عن طاوس، وحكاه عنه ابن المنذر.

(المذهب الخامس): أنه إن ترك من السعي أربعة أشواط، فعليه دم، وإن ترك دونها لزم لكلّ شوط نصف صاع، حكاه ابن المنذر عن أصحاب الرأي، وحكاه الدارميّ من الشافعية عن أبي حنيفة، قال: وحكى ابن القطان عن أبي عليّ قولًا كمذهب أبي حنيفة، قال النووي في "شرح المهذب": وهذا القول شاذّ غلطٌ.

وقال ابن المنذر: واختُلف عن عطاء، فروي عنه أنه لا شيء على من تركه، وروي عنه أنه قال: عليه دم، وروي عنه أنه قال: يطعم مساكين، أو يذبح شاة يطعمها المساكين. انتهى، وهذه الرواية الأخيرة عن عطاء قول سادس.

واعلم أن ابن العربيّ في "شرح الترمذيّ" حكى إجماع الأمة على أن السعي ركن في العمرة، وجعل الخلاف في الحج فقط.

قال الحافظ وليّ الدين: ولم أر لغيره تعرّضًا لذلك، ويخالفه صريحًا كلام ابن حزم، فإنه حكى الخلاف في العمرة، وحكي عن ابن عباس أنه قال: العمرة الطواف بالبيت، وكذلك ابن عبد البرّ حكى الخلاف عن أبي حنيفة، وصاحبيه في الحجّ والعمرة. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر من سوق المذاهب والنظر في أدلّتها أن أرجح المذاهب هو المذهب الأول، وهو مذهب الجمهور، وهو أن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحجّ والعمرة؛ لقوة أدلّته، كما تقدّم بيانها آنفًا.

والحاصل أن القول بركنيّة السعي هو الحقّ الذي لا مرية فيه، وليس لمخالفيه دليلٌ يُعتمد عليه، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.