للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسقط من روايته أيضًا إهلالهم أَوّلًا لمناة، فكأنهم كانوا يهلّون لمناة، فيبدؤون بها، ثم يطوفون بين الصفا والمروة لأجل إساف ونائلة، فمن ثمّ تحرّجوا من الطواف بينهما في الإسلام.

قال: ويؤيد ما ذكرناه حديث أنس المذكور عند البخاريّ بلفظ: "أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة؟ فقال: نعم؛ لأنَّها كانت من شعار الجاهلية".

وروى النسائيّ بإسناد قويّ، عن زيد بن حارثة، قال: "كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس، يقال لهما: إساف ونائلة، كان المشركون إذا طافوا تمسّحوا بهما … " الحديث. وروى الطبرانيّ، وابن أبي حاتم في "التفسير" بإسناد حسن، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: "قالت الأنصار: إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهليّة، فأنزل الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية [البقرة: ١٥٨] ".

وروى الفاكهيّ، وإسماعيل القاضي في "الإحكام" بإسناد صحيح عن الشعبيّ، قال: "كان صنم بالصفا يُدْعَى إساف، ووثن بالمروة يدعى نائلة، فكان أهل الجاهلية يسعون بينهما، فلما جاء الإسلام رمى (١) بهما، وقالوا: إنما كان ذلك يصنعه أهل الجاهلية من أجل أوثانهم، فأمسكوا عن السعي بينهما، قال: فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية [البقرة: ١٥٨] ".

وذكر الواحديّ في "أسبابه" عن ابن عباس نحو هذا، وزاد فيه: يزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة، فمُسِخا حجرين، فوُضِعا على الصفا والمروة؛ ليُعْتَبَر بهما، فلما طالت المدة عُبِدَا، والباقي نحوه.

وروى الفاكهي بإسناد صحيح إلى أبي مِجْلَز نحوه.

وفي "كتاب مكة" لعمر بن شبّه بإسناد قويّ عن مجاهد في هذه الآية، قال: قالت الأنصار: إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية، فنزلت.

ومن طريق الكلبيّ، قال: كان الناس أول ما أسلموا كرهوا الطواف


(١) كذا نسخة "الفتح"، ولعل الصواب: "رَمَوْا"، فليُحرّر.