للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَرَفَاتٍ) متعلّق بـ "رَدِفتُ" (فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشِّعْبَ) بكسر الشين المعجمة، وسكون العين المهملة: الطريق، وقيل: الطريق في الجبل، والمراد به هنا الشِّعب المعهود للحجّاج، كما وصفه بقوله: (الْأَيْسَرَ) بالنصب على الوصفيّة لـ "لشعب"، وكذا قوله: (الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ) أي قبل الوصول إليها (أَنَاخَ) يقال: أَنَخْتُ الجملَ: إذا أبركته، فأناخ الجمل نفسُهُ، وفيه استعمال أفعل لازمًا ومتعدّيًا، وهو كثير، وقال ابن الأعرابيّ: يقال: أناخ رباعيًّا، ولا يقال: ناخ ثلاثيًّا، قاله في "التاج" (١).

وقال الفيّوميّ: أناخ الرجل الجملَ إناخةً، قالوا: ولا يقال في المطاوع: فناخ، بل يقال: فبَرَكَ، وتنوّخ، وقد يقال: فاستناخ، والْمُنَاخ بضمّ الميم: موضع الإناخة. انتهى (٢).

(فَبَالَ، ثُمَّ جَاءَ) أي من محلّ البول (فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ) بفتح الواو، وهو الماء الذي يُتوضّأ به، وسبق فيه لغة أنه يقال بالضمّ، وليست بشيء.

قال: وفيه دليل على جواز الاستعانة في الوضوء، قال أصحابنا: الاستعانة فيه ثلاثة أقسام: [أحدها]: أن يستعين في إحضار الماء من البئر، والبيت، ونحوهما، وتقديمِهِ إليه، وهذا جائز، ولا يقال: إنه خلاف الأولى.

[والثاني]: أن يستعين بمن يَغسِل الأعضاء، فهذا مكروه كراهة تنزيه، إلا أن يكون معذورًا بمرض أو غيره.

[والثالث]: أن يستعين بمن يَصُبّ عليه، فإن كان لعذر فلا بأس، وإلا فهو خلاف الأولي، وهل يسمى مكروهًا؟ فيه وجهان لأصحابنا، أصحهما ليس بمكروه؛ لأنه لم يثبت فيه نهيٌ، وأما استعانة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأسامة، والمغيرة بن شعبة، في غزوة تبوك، وبالرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ، فلبيان الجواز، ويكون أفضل في حقه حينئذ؛ لأنه مأمور بالبيان، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله في الثاني: "مكروه كراهة تنزيه" فيه نظر لا يخفى؛ لأن الظاهر عدم جوازه أصلًا؛ لأن المأمور به في الأصل غسل


(١) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٢/ ٢٨٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٢٩.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ٢٦.