للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إضمار فعل، أي: أتريد الصلاةَ، قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: "ويؤيّده قوله في رواية: "أتصلي يا رسول الله؟ ويجوز الرفع على تقدير: حانت الصلاة، أو حَضَرَت مثلًا.

(فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("الصَّلَاةُ أَمَامَكَ") برفع "الصلاةُ" على الابتداء، والخبر: "أمامك"، وهو بفتح الهمزة، أي قُدّامك، ثم إنه يحتمل نصبه على الظرفيّة، فيتعلّق بمحذوف خبرٍ عن المبتدأ، وَيحْتَمِل الرفع على أنه الخبر؛ لأنه من الظروف التي تقبل التصرّف (١)، كما قال في "الخلاصة":

وَمَا يُرَى ظَرْفًا وَغَيْرَ ظَرْفِ … فَذَاكَ ذُو تَصَرُّفٍ فِي الْعُرْفِ

يعني أن الصلاة ستصلى بين يديك، أو أطلق الصلاة على مكانها، أي المصلى بين يديك، أو معنى أمامك لا تفوتك، وستدركها، وفيه تذكير التابع بما تركه متبوعه؛ ليفعله، أو يَعْتَذِر عنه، أو يُبَيِّن له وجه صوابه، قاله في "الفتح" (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه أن أسامة ذكَّره بصلاة المغرب، وظَنّ أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نسيها حيث أخّرها عن العادة المعروفة في غير هذه الليلة، فقال له النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الصلاة أمامك"، أي إن الصلاة في هذه الليلة مشروعة فيما بين يديك، أي في المزدلفة، ففيه استحباب تذكير التابع المتبوع بما تركه خلاف العادة؛ ليفعله، أو يعتذر عنه، أو يبيّن له وجه صوابه، وأنّ مخالفته للعادة سببها كذا وكذا.

وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الصلاة أمامك"، ففيه أن السنّة في هذا الموضع في هذه الليلة تأخير المغرب إلى العشاء، والجمع بينهما في المزدلفة، وهو كذلك بإجماع المسلمين، وليس هو بواجب، بل سنةٌ، فلو صلاهما في طريقه، أو صلى كل واحدة في وقتها جاز، وقال بعض أصحاب مالك: إن صلى المغرب في وقتها لزمه إعادتها، وهذا شاذّ ضعيف. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "شاذّ ضعيف"، فيه نظر لا يخفي، بل هو


(١) راجع: "حاشية الصبّان على الأشمونيّ" ٢/ ١٣١.
(٢) "الفتح" ٤/ ٦١٣.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ٢٦.