للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعَرَفاتٌ: موضعُ وقوف الْحَجِيج، ويقال: بينها وبين مكة نحو تسعة أميال، ويُعْرَب إعراب مسلمات، ومؤمنات، والتنوين يُشبه تنوين المقابلة، كما في باب مسلماتٍ، وليس بتنوين صرفٍ؛ لوجود مقتضى المنع من الصرف، وهو العلمية والتأنيث، ولهذا لا يدخلها الألف واللام، وبعضهم يقول: عرفة هي الجبل، وعرفات: جمع عَرَفَةَ تقديرًا؛ لأنه يقال: وقفت بعرفة، كما يقال: بعرفات. انتهى (١).

وإلى إعراب نحو عرفات أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في "الخلاصة" حيث قال:

وَمَا بِتَا وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا … يُكْسَرُ فِي الْجَرِّ وَفِي النَّصْبِ مَعَا

كَذَا أُولَاتُ وَالَّذِي اسْمَا قَدْ جُعِلْ … كَأَذْرِعَاتٍ فِيهِ ذَا أَيْضًا قُبِلْ

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي أشار إليه في "الخلاصة" من أن إعراب نحو أذرعات اسم قرية بالشام، وكذا عرفات بإعراب جمع المؤنّث هو المذهب الصحيح، وفيه مذهبان آخران:

أحدهما: أن يُرفع بالضمّة، ويُنصب ويُجرّ بالكسرة، ويُزال منه التنوين، نحو: هذه عرفاتُ، ورأيت عرفاتِ، ووقفت بعرفاتِ بلا تنوين.

والثاني: أن يرفع بالضمّة، ويُنصب ويُجرّ بالفتحة، ويُحذف منه التنوين، نحو: هذه عرفاتُ، ورأيتُ عرفاتَ، ووقفتُ بعرفاتَ، ويروى قوله [من الطويل]:

تَنَوَّرْتُهَا مِنْ أَذْرِعَاتَ وَأَهْلُهَا … بِيَثْرِبَ أَدْنَى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِ

بكسر التاء، كالمذهب الأول، وبكسرتين، كالمذهب الثاني، وبفتحها بلا تنوين، كالمذهب الأول (٢).

(مِنَّا الْمُلَبِّي، وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ) يعني أنهم يجمعون بين التلبية والتكبير، فمرّة يلبّي هؤلاء، ويكبّر آخرون، ومرّة بالعكس، فيصدُق في كلّ مرّة أن البعض يكبّر، والبعض يلبّي، والظاهر أنهم ما فعلوا ذلك، إلا لأنهم وجدوا النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل مثله، فقد أخرج أحمد، وابن أبي شيبة، والطحاويّ، من حديث عبد الله بن


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٥.
(٢) راجع: "شرح ابن عقيل على الخلاصة" ١/ ٦١، ٦٢.