للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسعود -رضي الله عنه-، من طريق مجاهد، عن أبي مَعْمَر، عنه، قال: "خرجت مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير".

فهذا نصّ صريح بأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يلبّي في غالب أحواله، ويكبّر أحيانًا، فالمستحبّ للحاجّ أن يأتي بالذكرين جميعًا، لكن يكثر التلبية، ويأتي بالتكبير في أثنائها، كما هو صريح فعله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وفي الرواية التالية من طريق عمر بن حسين، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: "كنّا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غداة عرفة، فمنّا المكبر، ومنّا المهلّل، فأما نحن فنكبّر، قال: قلت: والله لعجبًا منكم، كيف لَمْ تقولوا له: ماذا رأيتَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصنع؟ ".

وأراد عبد الله بن أبي سلمة بذلك الوقوفَ على الأفضل؛ لأن الحديث يدلّ على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره لهم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ذلك، فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو؛ ليعرف الأفضل من الأمرين، قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لكن قد تبيّن من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي ذكرناه ما كان يصنعه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكان يلبي غالبًا، ويكبّر خلالها، فالأفضل للحاجّ أن يجمع بينهما، مع تغليب التلبية، كما أسلفته آنفًا.

وفي الحديث دليلٌ على استحباب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات يوم عرفة، لكن التلبية أفضل؛ لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لازمها، مع خلطه بالتكبير، وفيه ردٌّ على من قال بقطع التلبية بعد صبح يوم عرفة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٤٣/ ٣٠٩٦ و ٣٠٩٧] (١٢٨٤)، و (أبو داود) في "المناسك" (١٨١٦)، و (النسائيّ) في "مناسك الحجِّ" (٥/ ٢٥٠) و"الكبرى" (٢/ ٤١٨)، و (مالك) في "الموطّإ" (٧٤١)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٢٢ و ٣٠)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (٢٨٠٥)، و (الدارميّ) في "سننه"