للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قبل أن يُنَوِّخوا إبلهم، ثم لما فرغوا من صلاة المغرب نوَّخوها، ولم يحلُّوا رحالهم من عليها، كما قال في الرواية الأخرى؛ وكأنها شَوَّشت عليهم بقيامها، فأزالوا ما شوَّش عليهم، ويُستدل به على جواز العمل اليسير بين الصلاتين المجموعتين. انتهى (١).

وقوله: (وَلَمْ يَحُلُّوا) قال القرطبيّ رحمه الله: -بضم الحاء- يعني: أنهم لم يَحلُّوا رحالهم، ولا سبيل إلى كسر الحاء، كما توهمه من جَهِل. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "ولا سبيل إلى كسر الحاء"؛ يعني أن يَحُلّ هنا بضمّ الحاء، ولا يجوز كسرها، وهو كما قال، قال الفيّوميّ رحمه الله: وحَلَلتُ الْعُقْدَة حَلًّا، من باب قتل، واسم الفاعل حَلّالٌ. انتهى (٢).

وقوله: (حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ) قال النوويّ رحمه الله: فيه دليل لصحة إطلاق "العشاء الآخرة"، وأما إنكار الأصمعيّ وغيره ذلك، وقولهم: إنه من لحن العوامّ، ومُحالِ كلامهم، وأن صوابه "العشاء" فقط، ولا يجوز وصفها بالآخرة فغلط منهم، بل الصواب جوازه، وهذا الحديث صريح فيه، وقد تظاهرت به أحاديث كثيرة، وقد سبق بيانه واضحًا في مواضع كثيرة من "كتاب الصلاة". انتهى (٣)، وهو بحث نفيسٌ.

وقوله: (فَصَلَّى، ثُمَّ حَلُّوا) أي حلّ الناس الركاب، وأنزلوا أمتعتهم من ظهور رواحلهم.

وقوله: (قُلْتُ: فَكَيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: رَدِفَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ) قال القرطبيّ رحمه الله: هذا يظهر منه أن هذا الجواب غير مطابق لما سأله عنه، فإنه سأله عن كيفية صنعهم للنسك، فأجابه بإردافه الفضل بن العباس، وبسبقه على رجليه، وليس كذلك، بل هو مُطابقٌ؛ لأنه أخبره بما يتضمن نَفْرُهُم من المزدلفة إلى منى، فكأنه قال: نفرنا إلى منى. انتهى (٤).

وقوله: (وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ قُرَيْشٍ) بضمّ السين المهملة، وتشديد الموحّدة: جمع سابق، كما قال في "الخلاصة":


(١) "المفهم" ٣/ ٣٩١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٤٨.
(٣) "شرح مسلم" ٩/ ٣٢، ٣٣.
(٤) "المفهم" ٣/ ٣٩١.