للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المزدلفة، فلا يجوز أداؤهما قبلها، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَمَا قَالَ: أَهْرَاقَ الْمَاءَ)؛ يعني أن أسامة لم يَكْنِ عن البول، بل صرّح باسمه.

و"أَهْرَاق" قال النوويّ رحمه الله: بفتح الهاء. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "بفتح الهاء" فيه نظر لا يخفى؛ إذ هو مخالف لما في كتب اللغة، ودونك عبارة "المصباح": راقَ الماءُ والدمُ وغيرُه رَيْقًا، من باب باع: انصَبّ، ويتعدى بالهمزة، فيقال: أراقه صاحبه، والفاعل مُرِيقٌ، والمفعول مُرَاقٌ، وتُبْدَل الهمزة هاء، فيقال: هَرَاقَهُ، والأصل هَرْيَقَهُ، وزانُ دَحْرَجَهُ، ولهذا تُفْتَحُ الهاءُ من المضارع، فيقال: يُهَرِيقه، كما تُفْتَح الدالُ من يُدَحْرجه، وتُفْتَح من الفاعل والمفعول أيضًا، فيقال: مُهَرِيقٌ، ومُهَرَاقٌ، قال امرؤ القيس:

وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَةٌ

والأمر: هَرِقْ ماءَكَ، والأصل هَرْيِقْ، وزانُ دَحْرِجْ، وقد يُجْمَع بين الهاء والهمزة، فيقال: أَهْرَاقه يُهْريقه ساكن الهاء؛ تشبيهًا له بأسطاع يُسطيع، كأن الهمزة زيدت عوضًا عن حركة الياء في الأصل، ولهذا لا يصير الفعل بهذه الزيادة خماسيًّا. انتهى (١).

وقريب من هذا عبارة "القاموس"، فتبيّن بهذا أن أَهْرَاق بسكون الهاء، وليس بفتحها، كما قال النوويّ، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (ثُمِّ دَعَا بالْوَضُوءِ) بفتح الواو، أي بالماء الذي يتوضّأ به.

وقوله: (فتَوَضَّأَ وُضُوءًا لَيْسَ بِالْبَالِغِ) يعني خفيفًا، كما في الرواية الأخرى.

وقوله: (فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ) أي أمر بأن تقام، والمراد أداؤها بالأذان والإقامة، لا بالإقامة المفردة، كما بيّنه حديث جابر -رضي الله عنه-، كما أسلفنا تقريره.

وقوله: (ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ فِي مَنَازِلِهِمْ)؛ أي: أبركوا رواحلهم فيها، قال القرطبيّ رحمه الله: يعني: أنهم بادروا بالمغرب عند وصولهم إلى المزدلفة، فصلّوها


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٨.