للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أول طلوع الفجر إلى أن يأتيه بلال، وفي هذا اليوم لم يتأخر؛ لكثرة المناسك فيه، فيحتاج إلى المبالغة في التبكير؛ ليتسع له الوقت.

وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في "صحيحه": (٢٨٥٥) - ثنا محمد بن يحيى (١)، ثنا عبد الله بن محمد النفيليّ، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر -رضي الله عنه-، فذكر الحديث، وقال: "فصلى الفجر حين تبيّن له الصبح" يعني بالمزدلفة، قال أبو بكر (٢): قال لنا محمد بن يحيى: قال لنا الحسن بن بشر، عن حاتم: في هذا الخبر، في هذا الموضع بأذان وإقامة، في خبر جابر دلالةٌ واضحةٌ على أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صلى الفجر بالمزدلفة في أول وقتها بعدما بان له الصبح، لا قبل تَبَيُّن الصبح له، وفي هذا ما دلّ على أن ابن مسعود -رضي الله عنه- أراد بقوله: "وصلى الفجر قبل وقتها بغلس"؛ أي قبل وقتها الذي كان يصليها بغير المزدلفة؛ أي أنه غَلَّس بالفجر أشدّ تغليسًا مما كان يُغَلِّس بها في غير ذلك الموضع، وخبر ابن عمر -رضي الله عنهما- الذي يلي هذا الباب دالّ على مثل ما دلّ عليه خبر جابر -رضي الله عنه-؛ لأن في خبر ابن عمر: "يبيت بالمزدلفة حتى يصبح، ثم يصلي الصبح". انتهى كلام ابن خزيمة رحمه الله، وهو نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ رحمه الله: ولا حجة فيه لمن منع التغليسَ بصلاة الصبح؛ لأنه ثبت عن عائشة وغيرها، كما تقدم في المواقيت التغليس بها، بل المراد هنا أنه كان إذا أتاه المؤذن بطلوع الفجر صلى ركعتي الفجر في بيته، ثم خرج، فصلى الصبح مع ذلك بغلس، وأما بالمزدلفة فكان الناس مجتمعين، والفجر نصب أعينهم، فبادر بالصلاة أول ما بزغ، حتى إن بعضهم كان لم يتبيّن له طلوعه، وهو بَيّن في رواية إسرائيل عند البخاريّ حيث قال: "ثم صلى الفجر حين طلع الفجر، قائل يقول: طلع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع". انتهى (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) هو الذهليّ رحمه الله.
(٢) هو ابن خزيمة رحمه الله
(٣) "المرعاة" ٩/ ١٥٧ - ١٥٩.