النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر؛ لأن فاعله مخالف للسنة، ومن رمى حينئذ فلا إعادة عليه؛ إذ لا أعلم أحدًا قال: لا يجزئه. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الأرجحُ ما ذهب إليه الأولون من جواز الرمي قبل طلوع الشمس لأصحاب الأعذار، ويُحمَل حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- المذكور آنفًا على الاستحباب؛ جمعًا بينه وبين أحاديث أسماء، وعائشة، وابن عمر -رضي الله عنهم- المتقدّمة، فالمستحبّ أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس، ولو رمى قبله أجزأه؛ لهذه الأحاديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:[٣١٢٤]( … ) - (وَحَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِي رِوَايَتِهِ: قَالَتْ: لَا أَيْ بُنَيَّ، إِنَّ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ لِظُعُنِهِ).
رجال هذا الإسناد: ثلاثة:
١ - (عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ) تقدّم قبل ثلاثة أبواب.
٢ - (عِيسَى بْنُ يُونُسَ) بن أبي إسحاق السبيعيّ، تقدّم أيضًا قبل ثلاثة أبواب.
و"ابْنُ جُرَيْجٍ" ذُكر قبله.
[تنبيه]: رواية عيسى بن يونس، عن ابن جريج هذه ساقها إسحاق ابن راهويه في "مسنده"(٥/ ١٢٢) فقال:
(٢٢٣٠) - أخبرنا عيسى بن يونس، نا ابن جريج، أخبرني عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر، أنها قالت: أي بُنَيّ هل غاب القمر؟ ليلة جَمْع، وهي تصلي (١)، فقلت: لا، فَلَبِثَتْ ساعةً، ثم قالت: أي بُنَيّ هل غاب القمر؟ وقد غاب، فقلت: نعم، فقالت: ارتحلوا، فارتحلنا، فمضينا بها حتى رمت
(١) وقع في النسخة: "وهو يصلي"، وهو غلط، كما تبيّنه رواية مسلم، فتنبّه.