١ - (مَالِكُ) بن أنس إمام دار الهجرة، تقدّم قريبًا.
والباقون ذُكروا قبله.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ) -رضي الله عنهما- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"اللَّهُمَّ ارْحَم الْمُحَلِّقِينَ") حيث عملوا بالأفضل؛ لأن العمل بما بدأ الله تعالى في قوله:{مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} الآية [الفتح: ٢٧] أكمل، وقضاء التَّفَث المأمور به في قوله:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} الآية [الحجّ: ٢٩] يكون به أجمل، ويكون في ميزان العمل أثقل، وفيه دليل على الترحم على الحيّ، وعدم اختصاصه بالميت.
(قَالُوا) أي الصحابة الحاضرون -رضي الله عنهم-، قال الحافظ: لم أقف في شيء من الطرُق على الذي تولى السؤال في ذلك بعد البحث الشديد. انتهى. (وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟) هذه الواو "والمقصّرين" عاطفة على شيء محذوف تقديره: "قل: والمقصرين"، أو: قل: وارحم المقصرين، وهذا يسمى العطف التلقينيّ، كقوله تعالى:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} بعد قوله: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}[البقرة: ١٢٤]، قال الآلوسيّ: ومن ذريتي؟ عطف على كاف {جَاعِلُكَ} يقال: سأكرمك، فتقول: وزيدًا؟ أي وتكرم زيدًا، تريد تلقينه بذلك، قال:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} في معنى: بعض ذريتي، فكأنه قال:"وجاعل بعض ذريتي"، وهو من قبيل عطف التلقين، فيكون خبرًا في معنى الطلب، وكأن أصله: واجعل بعض ذربتي، لكنه عدل إلى المنزل؛ لما فيه من البلاغة من حيث جعله من تتمة كلام المتكلم، كأنه مستحق مثل المعطوف عليه، وجعل نفسه كالنائب عن المتكلم، والعدول من صيغة الأمر للمبالغة في الثبوت، ومراعاة الأدب في التفادي عن صورة الأمر، وفيه من الاختصار الواقع موقعه ما يروق كل ناظر.
قال صاحب "المرعاة": ومن هذا القبيل قوله تعالى: {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} بعد قوله: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[البقرة: ١٢٦]، فإنه يصح التقدير: وارزق من كفر بصيغة الأمر، فالطلب بمعنى الخبر على عكس: