للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نحر بيده ثلاثًا وستين، وأمر عليًّا أن ينحر بقية المائة، وفيه استحباب نحر الهدي بمنى، ويجوز حيث شاء من بقاع الحرم؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نحرت ههنا، وكل منى منحر، فانحروا في رحالكم"، الحديث، رواه مسلم، وفي رواية أبي داود: "كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ". (ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: اختلفوا في اسم هذا الرجل الذي حلق رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، فالصحيح المشهور أنه معمر بن عبد الله الْعَدَويّ، وفي "صحيح البخاريّ" قال: زعموا أنه معمر بن عبد الله، وقيل: اسمه خِرَاش بن أمية بن ربيعة الكُلَبِيُّ -بضم الكاف-: منسوب إلى كُليب بن حبشية، والله أعلم. انتهى (١).

("خُذْ") أي ابدأ بالحلق من ههنا (وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ) فيه أنه يستحب في حلق الرأس أن يبدأ بالشق الأيمن من رأس المحلوق، وإن كان على يسار الحالق، وإلى ذلك ذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة: يبدأ بجانبه الأيسر؛ لأنه على يمين الحالق، والحديث يرد عليه، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: دلّ الحديث على أن المستحب الابتداء بالأيمن -من رأس المحلوق- وذهب بعضهم إلى أن المستحب الأيسر. انتهى.

قال القاري -رَحِمَهُ اللهُ-: أي ليكون أيمن الحالق، ونُسب إلى أبي حنيفة إلا أنه رجع عن هذا، وسبب ذلك أنه قاس أولًا يمين الفاعل كما هو المتبادر من التيامن، ولمّا بلغه أنه -صلى الله عليه وسلم- اعتبر يمين المفعول رجع عن ذلك القول المبني على المعقول إلى صريح المنقول؛ إذ الحق بالاتباع أحق، ولو وقف الحالق خلف المحلوق أمكن الجمع بين الأيمنين -أي اجتمع الابتداء بيمين الحالق والمحلوق وارتفع الخلاف- وإذا تعذر الجمع فلا بد من ترجيح ما يدل عليه حديث أنس. انتهى (٢).

(ثُمَّ الْأَيْسَرِ) أي ثمّ أشار للحلّاق إلى جانبه الأيسر؛ ليحلقه (ثُمَّ جَعَلَ) -صلى الله عليه وسلم- (يُعْطِيهِ النَّاسَ) وفي رواية ابن أبي شيبة التالية: "وأشار إلى الجانب الأيمن هكذا، فقسم شعره بين من يليه، قال: ثم أشار إلى الحلاق، وإلى الجانب


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ٥٤.
(٢) "المرعاة" ٩/ ٢٦١، ٢٦٢.