الأيسر، فحلقه، فأعطاه أم سُليم"، وفي رواية أبي كريب: "فبدأ بالشقّ الأيمن، فوزّعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم قال بالأيسر، فصنع مثل ذلك، ثم قال: ها هنا أبو طلحة؟ فدفعه إلى أبي طلحة"، وفي رواية عبد الأعلى الآتية: فحلق شقه الأيمن، فقسمه فيمن يليه، ثم قال: "احلق الشق الآخر"، فقال: "أين أبو طلحة؟ "، فأعطاه إياه.
ورواية أبي عوانة في "صحيحه": "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر الحلاق، فحَلَقَ رأسه، ودفع إلى أبي طلحة الشق الأيمن، ثم حلق الشق الآخر، فأمره أن يقسمه بين الناس".
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: ولا تناقض بين هذه الروايات، بل طريق الجمع بينها أنه ناول أبا طلحة كُلًّا من الشقين، فأما الأيمن فوزّعه أبو طلحة بأمره -صلى الله عليه وسلم-، وأما الأيسر فأعطاه لأم سليم زوجته بأمره أيضًا، زاد أحمد في رواية له: "لتجعلها في طيبها"، وعلى هذا فالضمير في قوله: "يقسمه" في رواية أبي عوانة يعود على الشق الأيمن، وكذا قوله في رواية الباب فقال: "اقسمه بين الناس". انتهى.
وقال المحب الطبري: والصحيح أن الذي وزعه على الناس الشق الأيمن على ما تضمنه حديث توزيع الشعرة والشعرتين بين الناس، وأعطى الأيسر أبا طلحة، أو أم سليم على ما تضمنه أيضًا، ولا تضاد بين الروايتين، لأن أم سليم امرأة أبي طلحة فأعطاه لهما، فنُسبت العطية تارة إليه، وتارة إليها. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [٥٣/ ٣١٥٣ و ٣١٥٤ و ٣١٥٥ و ٣١٥٦](١٣٠٥)،