للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد حمل القائلون بعدم إجزاء السعي قبل الطواف حديث أسامة بن شريك -رضي الله عنه- هذا على من سعى بعد طواف القدوم قبل طواف الإفاضة، فإنه يصدُق عليه أنه سعى قبل الطواف، أي طواف الركن (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحمل فيه ما لا يخفى؛ إذ يردّه عدم استفصال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هل طاف للقدوم أم لا؟ فالحقّ أن تقديم السعي على الطواف يجوز مطلقًا؛ لهذا الحديث، فتبّصر، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- (فَمَا سُئِلَ) بالبناء للمجهول (رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) زاد في الرواية الآتية: "يومئذ" (عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ، وَلَا أُخِّرَ) بالبناء للمجهول في الفعلين، أي عن شيء قُدّم، وحقّه التأخير، ولا عن شيء أُخّر، وحقّه التقديم (إِلَّا قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- للسائل ("افْعَلْ) الآن ما بقي، وقد أجزأك ما فعلت (وَلَا حَرَجَ") عليك في التقديم والتأخير، وفي رواية يونس التالية: "فما سمعته يسأل يومئذ عن أمر مما يَنْسَى المرء، أو يجهل من تقديم بعض الأمور قبل بعض، وأشباهها، إلا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: افعلوا ذلك، ولا حرج".

قال الباجيّ: لا يقتضي هذا رفع الحرج في تقديم شيء ولا تأخيره غير المسألتين المنصوص عليهما، لأننا لا ندري عن أيّ شيء غيرهما سئل في ذلك اليوم، وجوابه إنما كان عن سؤال السائل، فلا يدخل فيه غيره، كما لا يدخل في قوله: "انحر ولا حرج، ارم ولا حرج" غير ذلك مما لم يسئل عنه. انتهى، وكذا قال ابن التين أن هذا الحديث لا يقتضي رفع الحرج في غير المسألتين المنصوص عليهما -يعني المذكورتين في رواية مالك- لأنه خرج جوابًا للسؤال، ولا يدخل فيه غيره. انتهى.

وتعقبه الحافظ، فقال: كأنه غَفَلَ عن قوله في بقية الحديث: "فما سئل


= "لا حرج، إلا على رجل اقتَرَضَ عِرْضَ مسلم، وهو ظالم، فذلك الذي حَرِج، وهلك".
وقوله: "اقترض" بالقاف: أي اقتطع، وقوله: "حَرِجَ" بكسر الراء: أي وقع في الحرج، وهو الإثم، فعطفُ "هلك" عليه تفسيريّ.
(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٢٧٥.