للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن شيء قُدِّم، ولا أُخِّر"، وكأنه حَمَل ما أُبْهِم فيه على ما ذُكِر، لكن قوله في رواية ابن جريج: "وأشباه ذلك"، يردُّ عليه.

قال: وقد تقدم فيما حررناه من مجموع الأحاديث عدّة صور، وبقيت عدّة صور لم تذكرها الرواة، إما اختصارًا، وإمالكونها لم تقع، وبلغت بالتقسيم أربعًا وعشرين صورةً، منها صورة الترتيب المتفق عليها -يعني رمي جمرة العقبة، ثم نحر الهدي، أو ذبحه، ثم الحلق، أو التقصير، ثم طواف الإفاضة، وهي وظائف يوم النحر بالاتفاق. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- (١)، وهو تحقيق نفيسٌ.

وقد أجمع العلماء على مطلوبية هذا الترتيب، إلا أن ابن الجهم من المالكية، استثنى القارن فقال: لا يجوز له الحلق قبل الطواف، وكأنه لاحظ أنه في عمل العمرة، والعمرة يتأخر فيها الحلق عن الطواف، يعني أنه رأى أن القارن عمرته وحجه قد تداخلًا، فالعمرة قائمة في حقه، والعمرة لا يجوز الحلق فيها قبل الطواف، ورَدّ عليه النوويّ بنصوص الأحاديث، والإجماع المتقدم عليه، ونازعه ابن دقيق العيد في ذلك حيث قال؛ وكأنه يريد بنصوص الأحاديث ما ثبت عنده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قارنًا في آخر الأمر، وقد حلق قبل الطواف، وهذا إنما ثبت بأمر استدلاليّ، لا نصيّ، أعني كونه -صلى الله عليه وسلم- قارنًا، وابن الجهم بنى على مذهب مالك، والشافعيّ، ومن قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان مفردًا، وأما الإجماع فبعيد الثبوت، إن أراد به الإجماع النقليّ القوليّ، وإن أراد السكوتيّ ففيه نظر، وقد يُنازَع فيه أيضًا. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الفتح" ٤/ ٦٩٦.