للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وبه تعلم أن وصف عدم الشعور الوارد في السؤال لا مفهوم له، وقال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "نيل الأوطار": وتعليق سؤال بعضهم بعدم الشعور لا يستلزم سؤال غيره به، حتى يقال: إنه يختص الحكم بحالة عدم الشعور، ولا يجوز اطراحها بإلحاق العمد بها.

وبهذا يعلم أن التعويل في التخصيص على وصف عدم الشعور المذكور في سؤال بعض السائلين غير مفيد للمطلوب. انتهى محل الغرض منه بلفظه. انتهى كلام الشيخ الشنقيطي -رَحِمَهُ اللهُ-، وهو بحث نفيسٌ جدًّا (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الحاصل أن القول بعدم وجوب الترتيب في أفعال يوم النحر، سواء كان للناس، أو الجاهل، أو العامد دون وجوب الدم عليه هو الحقّ؛ لقوّة حجته، فتأمل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣١٥٨] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَطَفِقَ نَاسٌ يَسْأَلُونَهُ، فَيَقُولُ الْقَائِلُ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَمْ أَكُنْ أَشْعُرُ أَنَّ الرَّمْيَ قَبْلَ النَّحْرِ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ الرَّمْيِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فَارْمِ، وَلَا حَرَجَ"، قَالَ: وَطَفِقَ آخَرُ يَقُولُ: إِنِّي لَمْ أَشْعُرْ أَنَّ النَّحْرَ قَبْلَ الْحَلْقِ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، فَيَقُولُ: "انْحَرْ، وَلَا حَرَجَ"، قَالَ: فَمَا سَمِعْتُهُ يُسْأَلُ يَوْمَئِذٍ عَنْ أَمْرٍ، مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ وَيَجْهَلُ، مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْأُمُورِ قَبْلَ بَعْضٍ (٢)، وَأَشْبَاهِهَا، إِلَّا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "افْعَلُوا ذَلِكَ، وَلَا حَرَجَ").


(١) "أضواء البيان" ١/ ٨٨، ٨٩.
(٢) وفي نسخة: "بعض الأمور على بعض".