للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بينهما في الاشتقاق، وأما قول من قال: هو من الرواية، فبعيد جدًّا؛ لأنه لم يجئ تروية من هذا الباب؛ لعدم الاشتقاق بينهما. انتهى (١).

(قَالَ) أنس -رضي الله عنه- (بِمِنًى) الباء بمعنى "في"، متعلّق بفعل مقدّر يدلّ عليه السؤال، أي صلّاها في "منى" (قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟) بفتح النون، وسكون الفاء، وتُفتح: وهو الرجوع من منى بعد انقضاء أعمال الحجّ، وللحجاج نَفْران: الأول: هو اليوم الثاني من أيام التشريق، والثاني: هو اليوم الثالث منها، وهو الثالث عشر من ذي الحجة، وهو المراد هنا؛ لأنه الذي نَفَرَ فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في حجته (قَالَ: بِالْأَبْطَحِ) أي صلّاها فيه، وهو مكان متّسع بين مكة ومنى، والمراد به المحصّب (ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ مَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ) وفي رواية للبخاريّ: "فقال: انظر حيث يصلّي أمراؤك، فصلّ"، وإنما قال أنس -رضي الله عنه- ذلك؛ لأنه لما بيّن له المكان الذي صلى فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الظهر يوم التروية، وهو منى، خَشِي عليه أن يَحرص على ذلك، فيُنسَبَ إلى المخالفة، أو تفوته الصلاة مع الجماعة، فقال له: صلّ مع الأمراء حيث يصلّون؛ لأن هذا ليس من النسك الواجبة، بل من مستحبّاتها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا متّفق عليه.

[تنبيه]: قال الإمام الترمذيّ رحمه الله -بعد أن أخرج هذا الحديث-: ما نصّه: صحيح يُستغرب من حديث إسحاق الأزرق، عن الثوريّ، قال الحافظ رحمه الله: يعني أن إسحاق تفرد به، وأظن أن لهذه النكتة أردفه البخاريّ بطريق أبي بكر بن عياش، عن عبد العزيز، ورواية أبي بكر، وإن كان قَصَّرَ فيها كما سنوضحه (٢)، لكنها متابعة قويّة لطريق إسحاق.

قال: وقد وجدنا له شواهد، منها ما وقع في حديث جابر الطويل في


(١) "عمدة القاري" ٨/ ١٤٩، ١٥٠.
(٢) سيأتي توضيحه في التنبيه التالي، فتنبّه.