للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صفة لـ "شيء" (عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيةِ؟) أي في أيّ مكان صلّاها في اليوم الثامن من ذي الحجة؟.

[تنبيه]: يوم التروية -بفتح التاء المثنّاة الفوقية، وسكون الراء، وكسر الواو، وتخفيف الياء- سُمي بذلك لأنهم كانوا يرْوُون فيها إبلهم، ويتروون بحمل الماء معهم من مكّة إلى عرفات؛ لأن تلك الأماكن لم تكن بها إذ ذاك آبار، ولا عيونٌ، وأما الآن فقد كثُرت جدًّا، واستغنوا عن حمل الماء، وقد رَوَى الفاكهيّ في "كتاب مكة" من طريق مجاهد، قال: قال عبد الله بن عمر: يا مجاهد إذا رأيت الماء بطريق مكة، ورأيت البناء يعلو أخاشبها، فخذ حِذْرك، وفي رواية: فاعلم أن الأمر قد أظلك.

وقيل في تسميته التروية أقوال أخرى شاذّةٌ، منها أن آدم عليه السلام رأى فيه حواء، واجتمع بها، ومنها أن إبراهيم عليه السلام رأى في ليلته أنه يذبح ابنه، فأصبح متفكرًا يتروى، ومنها أن جبريل عليه السلام أرى فيه إبراهيم عليه السلام مناسك الحج، ومنها أن الإمام يُعَلِّم الناس فيه مناسك الحج، ووجه شذوذها أنه لو كان من الأول لكان يوم الرؤية، أو الثاني لكان يوم التروِّي، بتشديد الواو، أو من الثالث لكان من الرؤيا، أو من الرابع لكان من الرواية، قاله في "الفتح" (١).

وقال في "العمدة": ذكره الجوهريّ -يعني يوم التروية- في باب رَوِي معتلّ العين واللام، وذكر فيه موادّ كثيرة، ثم قال: وسمي يوم التروية؛ لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعدُ، ويكون أصله من رَوِيت من الماء بالكسر أَرْوَى رَيًّا ورِيًّا، ورِوًى، مثل رِضًى، وتكون التروية مصدرًا، من باب التفعيل، تقول: روّيته الماء ترويةً، وأما قول من قال: لأن آدم عليه السلام رأى فيه حوّاء، فغير صحيح من حيث الاشتقاق؛ لأن رأى الذي هو من الرؤية، مهموز العين، معتلّ اللام، نعم جاء من هذا الباب ترئية، وتريّة، ولم يجئ تروية، فالأول من قولك: رأت المرأة ترئية: إذا رأت الدم القليل عند الحيض، والثاني اسم الخرقة التي تعرف بها المرأة حيضها من طهرها، وأما بقية الأقوال، فكون أصلها من الرؤية غير مستبعد، ولكن لم يجئ لفظ التروية منها؛ لعدم المناسبة


(١) "الفتح" ٤/ ٥٩١، ٥٩٢.