للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأن شتم المسلم الذي ليس بأبٍ كبيرة، فشتم الآباء أكبر منه. انتهى (١).

وتعقّبه بعضهم بأنه لم يقصد شتم أبيه، وليس فعل السبب كفعل المسبّب على كلّ حال، فالصواب كونه كبيرةً، كما جعله في الحديث. انتهى (٢).

والجارّ والمجرور خبر مقدّم لقوله: (شَتْمُ الرَّجُلِ) هذا لا يخصّ الرجل، بل يعمّ النساء أيضًا؛ لأنهنّ لا يتخلفن عن الرجال في هذا، فتنبّه.

(وَالِدَيْهِ") وللبخاريّ: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه"، وله في "الأدب المفرد": "من الكبائر عند الله أن يسبّ الرجل والده".

و"الشتم": السبّ، يقال: شَتَمَه يَشْتُمه، من بابي: ضرب، ونصر، شَتْمًا، ومَشْتَمَةً بفتح التاء، ومَشْتُمَةً بضمّها: سبّه، أفاده في "القاموس" (٣).

(قَالُوا) أي الصحابة الحاضرون مجلس تحديث - صلى الله عليه وسلم - (يَا رَسُولَ الله، وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟)، قال في "المفهم": استفهام إنكار واستبعاد لوقوع ذلك من أحد من الناس، وهو دليلٌ على ما كانوا عليه من المبالغة في برّ الوالدين، ومن الملازمة لمكارم الأخلاق والآداب. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": هو استبعاد من السائلين؛ لأن الطبع المستقيم يأبى ذلك، فَبَيَّن - صلى الله عليه وسلم - في الجواب أنه وإن لم يتعاطَ السّبّ بنفسه في الأغلب الأكثر، لكن قد يقع منه التسبب فيه، وهو مما يمكن وقوعه كثيرًا.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("نَعَمْ) أي يقع شتم الرجل والديه، وذلك أن الشخص (يَسُبُّ) بضمّ السين المهملة، من باب نصر، والسبّ: العار (أَبَا الرَّجُلِ) هذا لا يخصّ الرجل، بل لو سبّ أبا المرأة، فكذلك، فتنبّه (فَيَسُبُّ) الرجل المسبوب أبوه (أَبَاهُ) أي أبا السابّ مجازاة لجريمته (ويسُبُّ أمَّهُ) أي أم الرجل (فَيَسُبُّ) المسبوب أمه أيضًا (أمَّهُ") أي أم السابّ كذلك.

قال النوويّ رحمه الله تعالى: فيه دليلٌ على أن من تسبب في شيء جاز أن يُنسَب إليه ذلك الشيء، وإنما جُعِل هذا عقوقًا؛ لكونه يحصل منه ما يتأذى به الوالد


(١) "المفهم" ١/ ٢٨٥.
(٢) راجع: "مكمل إكمال الإكمال" ١/ ١٩٩.
(٣) "القاموس المحيط" ص ١٠١٥.
(٤) "المفهم" ١/ ٢٨٥.