للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال: ما هي إلا من البُدُن، والمعنى في الحكم؛ إذ لو كانت البقرة من جنس البدن، لَمَا جَهِلها أهل اللسان، ولَفُهِمت عند الإطلاق أيضًا.

وقال أيضًا: قالوا: وإذا أُطلقت البَدَنة في الفروع، فالمراد البعير ذكرًا كان أو أنثى. انتهى كلام الفيّوميّ رحمه الله (١).

وقال المجد رحمه الله: البدَنَةُ محرَّكةً من الإبل، والبقر، كالأضحيّة من الغنم تُهدى إلى مكة، للذكر والأنثى، جمعه ككُتُب. انتهى (٢).

وقال ابن الأثير رحمه الله: البدَنَةُ تقع على الجمل، والناقة، والبقرة، وهي بالإبل أشبه. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما أسلفته من أقوال أهل اللغة أن البدنة هي الإبل، والبقر، فلا تُطلق على الغنم، فقول النوويّ في "شرحه": وتُطْلَق على الإبل، والبقر، والغنم، هذا قول أكثر أهل اللغة، ففيه نظر لا يخفى، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ) أي التي أرصدها للهدي، والمراد أنه يقوم عند نحرها للاحتفاظ بها، وَيحْتَمِل أن يريد ما هو أعمّ من ذلك، أي على مصالحها، في عَلْفها، ورَعْيها، وسَقْيها، وغير ذلك.

ولم يقع في هذه الرواية عدد البُدن، ووقع في رواية البخاريّ من طريق سيف بن أبي سليمان، قال: "سمعت مجاهدًا، يقول: حدّثني ابن أبي ليلى أن عليًّا -رضي الله عنه- حدّثه قال: أهدى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مائة بدنة … " الحديث، ولأبي داود من طريق ابن إسحاق، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: نَحَرَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ثلاثين بدنةً، وأمرني، فنحرت سائرها. وأصح منه ما تقدّم عند مسلم في حديث جابر الطويل، فإن فيه: "ثم انصرف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بدنةً، ثم أعطى عليًّا، فنَحَر ما غَبَرَ، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بَدَنة ببَضْعَة، فجُعِلت في قِدْر، فطُبِخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها"، فعُرِف بذلك أن البُدن كانت مائة بدنة، وأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نحر منها ثلاثًا وستين،


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣٩.
(٢) "القاموس المحيط" ٤/ ٢٠٠.
(٣) "النهاية" ١/ ١٠٨.