٤ - (ومنها): أنه استنبط منه الماورديّ رَحمه الله تحريم بيع ثوب الحرير ممن يتحقق أنه يلبسه، والغلام الأمرد ممن يتحقق أنه يفعل به الفاحشة، والعصير ممن يتحقق أنه يتخذه خمرًا.
٥ - (ومنها): ما قاله الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: فيه العمل بالغالب؛ لأن الذي يَسُبّ أبا الرجل يجوز أن يسب الآخر أباه، ويجوز أن لا يفعل، لكن الغالب أن يجيبه بنحو قوله.
٦ - (ومنها): أن فيه مراجعةَ الطالب لشيخه فيما يقوله، مما يُشْكِل عليه.
٧ - (ومنها): أن فيه إثباتَ الكبائر، وقد سبق قريبًا تمام البحث فيه.
٨ - (ومنها): أن فيه أن الأصل يَفْضُلُ الفرع بأصل الوضع، ولو فضله الفرع ببعض الصفات، قاله في "الفتح"(١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في بيان مسألة مهمّة لها صلة بهذا الحديث، بل هو من أصولها القوّية، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وهي البحث عن سدّ الذرائع.
(اعلم): أن "الذرائع": جمع ذريعة، وهي في اللغة: ما كان طريقًا إلى الشيء، أما في الاصطلاح فالأكثرون يقصرونها على ما أفضى إلى محرّم، فقالوا: هي كلُّ عمل ظاهر الإباحة، يُتوصّل به إلى فعل محظور، وبعضهم يرى أنها تعمّ جميع الوسائل: المباحة، والمحرّمة، ومن هؤلاء: القرافيّ، وابن تيميّة، وابن القيمّ رحمهم الله تعالى، قالوا: هي ما كانت وسيلة إلى الشيء، وصرّح القرافيّ بأنه كما يجب سدّها، يجب فتحها، وتُكره، وتُندب، وتُباح. انتهى.
وقد شاع أن المالكيّة هم القائلون دون غيرهم بسدّ الذرائع، وذلك إنما كان بسبب توسّعهم فيها، كما نبّه عليه القرافيّ؛ إذ قد قال بها الحنابلة أيضًا، قال ابن العربيّ في "أحكام القرآن": انفرد بها مالك، وتابعه عليها أحمد في بعض رواياته، وخفيت على الشافعيّ وأبي حنيفة، بل جاء عن بعض العلماء ما