للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد رُوي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان لا يرى التشريك، ثم رجع عن ذلك لما بلغته السنّة.

قال أحمد: حدّثنا عبد الوهّاب، حدّثنا مجاهد، عن الشعبيّ، قال: سألت ابن عمر، قلت: الجزور والبقرة تجزئ عن سبعة؟ قال: يا شعبيّ، ولها سبعة أنفس؟ قال: قلت: فإن أصحاب محمد يزعمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنّ الجزور عن سبعة، والبقرة عن سبعة، قال: فقال ابن عمر لرجل: أكذلك يا فلان؟ قال: نعم، قال: ما شعرت بهذا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من ذكر الأقوال وأدلّتها أن أرجحها هو ما ذهب إليه الجمهور من جواز اشتراك السبعة في الإبل والبقر؛ لوضوح حجته، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: استَدَلّ بقوله: "كل سبعة منا في بدنة" من قال: عدل البدنة سَبْعُ شياه، وهو قول الجمهور، أي في الهدي والأضحية كليهما، وادَّعَى الطحاويّ وابن رُشْد أنه إجماع، وتُعُقّب عليهما بأن الخلاف في ذلك مشهور، حكاه الترمذي في "جامعه" عن إسحاق ابن راهويه، وكذا الحافظ في "الفتح"، وقال: هو -أي إجزاء البدنة عن عشرة- إحدى الروايتين عن سعيد بن المسيب، وإليه ذهب ابن خزيمة من الشافعية (٢)، واحتجّ له في "صحيحه"، وقوّاه، واحتج له ابن حزم، وكذا ابن خزيمة بحديث رافع بن خديج -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قسم، فعَدَلَ


(١) راجع: "الفتح" ٤/ ٦٣٤، ٦٣٥.
(٢) هكذا في "الفتح" يذكر في كثير من المواضع أن ابن خزيمة شافعيّ المذهب، مقلّد له، وقد رددت على هذا في مقدّمة هذا الشرح، وفي شرح "التحفة المرضيّة" في الأصول، ومواضع أخر أن هذا غير صحيح، فإن ابن خزيمة، وكذا ابن حبّان، وغيرهم من أئمة الحديث ليسوا مقلّدين للأئمة، بل هم مجتهدون بأنفسهم، وأكبر دليل على ذلك أن تقرأ مؤلفاتهم، فترى هل ينتصرون للشافعيّ فيها كما يفعل المقلّدون من أمثال البيهقيّ، والطحاويّ، والنووي، ونحوهم، أم يذهبون إلى ما اقتضته النصوص، وإن خالفها الشافعيّ، أو غيره؟، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، وملجأ العنيد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.