للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرفه (١).

وقوله: (أَيُشْتَرَكُ في الْبَدَنَةِ مَا يُشْتَرَكُ فِي الْجَزُورِ؟) ببناء الفعلين للمفعول.

وقوله: (مَا يُشْتَرَكُ فِي الْجَزُورِ؟) قال النوويّ رحمه الله: هكذا في النسخ: "ما يُشتَرك"، وهو صحيح، وتكون "ما" بمعنى "مَنْ"، وقد جاز ذلك في القرآن وغيره، ويجوز أن تكون مصدرية، أي اشتراكًا كالاشتراك في الجزور. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن الوجه الثاني هو الأوضح؛ إذ الأول يلزم منه ارتكاب المجاز، وأيضًا يلزم منه بناء الفعل للفاعل، حتى تكون "ما" فاعلًا، فإن صحّت الرواية بالوجهين، فذاك، وإلا فالأقرب بناؤه للمفعول، وكون "ما" مصدريّة، لا موصولًا اسميًّا، فتأمّل، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رحمه الله بعد ذكر الاختلافات في الاشتراك في الهدي ما نصّه: وهذا الخلاف إنما هو في الإبل والبقر، وأما الغنم، فلا يجوز الاشتراك فيها اتفاقًا، وقد قدمنا أن اسم البدنة مأخوذ من البدانة، وهي عِظَم الجسم، وأن الجزور من الْجَزْر، وهو: القطع، وأن الجزور من الإبل، والجزرة من الغنم، وقد فَرّق في حديث جابر بين البُدن والجزور؛ لأنه أراد بالبدنة ما ابْتُدئ هديه عند الإحرام، وبالجزور ما اشتُرِي بعد ذلك للنحر، فكأنه ظهر للسائل: أن شأن هذه، أخف في أمر الاشتراك مما أهدي من البُدن، فأجابه بما في معناه: أن الجزور لَمّا اشتُريت للنسك صار حكمها حكم البُدن.

قال: وقد سمعت من بعض مشايخنا أن البدنة في هذا الحديث من الإبل، والجزور فيه من البقر، وكأن السائل سأله عن البقرة؛ هل يَشتَرِك فيها سبعة كما يُشتَرك في البدنة؟ فقال: هي منها في حكم المسؤول عنه، وكأن هذا السائل لم يسمع في هذا ذكر البقر، فسأل عنها، والله أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (٢).

وقوله: (مَا هِيَ إِلَّا مِنْ الْبُدْنِ) قال النوويّ رحمه اللهُ: قال العلماء: الْجَزُور - بفتح الجيم- وهي البعير، قال القاضي: وفرّق هنا بين البدنة والجزور؛ لأن البدنة والهدي ما ابْتُدِئ إهداؤه عند الإحرام، والجزور ما اشتُرِي بعد ذلك


(١) "تنبيه المعلم" ص ٢٢٤.
(٢) "المفهم" ٣/ ٤١٩، ٤٢٠.