ليُنْحَر مكانها، فَتَوَهَّم السائل أن هذا أحقّ في الاشتراك، فقال في جوابه: الجزور لَمّا اشتُرِيت للنسك صار حكمها كالبُدْن. انتهى (١).
وقوله:(وَحَضَرَ جَابِرٌ الْحُدَيْبِيَةَ) أشار به إلى أن قول جابر -رضي الله عنه-: اشتركنا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الحجّ والعمرة، محمول على عمرة الحديبية؛ لأنه حضرها.
وقوله:(اشْتَرَكْنَا كُل سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ)"كلّ" يَحْتَمِل أن يكون فاعلًا لـ"اشترك" على لغة "أكلوني البراغيث"، ويَحتَمِل أن يكون مبتدأ خبره الجارّ والمجرور بعده، أي مشترك في بدنة، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قال القرطبيّ رحمه الله: تمسَّك الجمهور من السلف وغيرهم بهذه الأحاديث على جواز الاشتراك في الهدي، وممن قال بهذا ابن عمر، وأنس، وعطاء بن أبي رَباح، والحسن البصري، وطاووس، وسالم، وعمرو بن دينار، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، حكاه ابن المنذر، قال: وقد روينا عن ابن عباس: أنه قال: البدنة عن سبعة، وإن تمتعوا، وبه قال عطاء، وطاووس، وعمرو بن دينار، والثوري، والشافعيّ، قال: وقد روينا عن سعيد بن المسيب: أنه قال: تجزئ الجزور عن عشرة، وبه قال إسحاق.
قال القرطبيّ: وظاهر ما حكاه ابن المنذر: أنهم اشتركوا في الثمن، وأنهم سوّوا في ذلك بين الهدي الواجب والتطوّع، من غير تقييد، ولا تفصيل، وقد فصّل غيره الخلاف فقال: إن الشافعيّ يجيزه في الواجب، وإن كان بعضهم يريد اللحم، وبعضهم يريد الفدية. وأبو حنيفة يجيزه إذا أراد جميعهم الفدية، حكاه الإمام أبو عبد الله، وقال: عندنا في التطوع قولان.
قال ابن المنذر، وقال مالك: لا يشترك في شيء من الهدي، ولا من البُدن، ولا النسك في الفدية، ولا في شيء مما ذكرناه.
قال القرطبيّ: وكأن هذا الذي صار إليه مالك مستنده قول الله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦]، وأقلّ ما يطلق عليه اسم الهدي شاة، ولم