تخصيص وتفضيل؛ لأن الواجب في ذلك شاة، أو سبع بدنة، أو بقرةٍ، كما فَعَل في حق صواحبها، ولعل إيثار البقر؛ لأنه المتيسر حينئذ، وإلا فالإبل أفضل منه، وقيل: إنه لبيان الجواز (يَوْمَ النَّحْرِ) أي في حجته، كما في رواية محمد بن بكر التالية قال:"نحر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة بقرةً في حجته"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦٠/ ٣١٩٢ و ٣١٩٣](١٣١٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٣٧٨)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٢/ ٣١٨)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ٣٩٤)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٥/ ٢٣٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في نحر البقر، وذبحها:
ذهب جمهور العلماء إلى أن نحر البقر جائز، وإن كان الذبح مستحبًّا عندهم؛ لقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الآية [البقرة: ٦٧]، وخالف الحسن بن صالح، ومجاهد فاستحبّا نحرها، وقال مالك: إن ذَبَح الجزور من غير ضرورة، أو نَحَر الشاة من غير ضرورة لم تؤكل.
وقال ابن قدامة رحمه اللهُ في "المغني": لا خلاف بين أهل العلم في أن المستحب نحر الإبل، وذبح ما سواها، قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)} [الكوثر: ٢]، وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}[البقرة: ٦٧]، ومعنى النحر أن يضربها بِحَرْبة، أو نحوها في الوَهْدة التي بين أصل عنقها وصدرها، فإن ذُبِح ما يُنحَر، أو نُحِر ما يُذْبَح فجائز، هذا قول أكثر أهل العلم، منهم: عطاء، والزهريّ، وقتادة، ومالك، والليث، والثوريّ، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وإسحاق، وأبو ثور، وحُكي عن داود أن الإبل لا تباح إلا بالنحر، ولا يباح غيرها إلا بالذبح؛ لأن الله تعالى قال:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}، وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)}، والأمر يقتضي