للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوجوب، وحُكي عن مالك أنه لا يجزئ في الإبل إلا النحر.

وحجة الأولين قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرر الدم بما شئت"، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: نحر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بقرة واحدة. انتهى مختصرًا.

وقال ابن رُشْد رحمه الله: اتفقوا على أن الذكاة في بهيمة الأنعام نَحْرٌ، وذَبْحٌ، وأن من سنة الغنم والطير الذبح، وأن من سنة الإبل النحر، وأن البقر يجوز فيها الذبح والنحر، واختلفوا هل يجوز النحر في الغنم والطير والذبح في الإبل؟ فذهب مالك إلى أنه لا يجوز النحر في الغنم والطير، ولا الذبح في الإبل، وذلك في غير موضع الضرورة، وقال قوم: يجوز جميع ذلك من غير كراهة، وبه قال الشافعيّ، وأبو حنيفة، والثوريّ، وجماعة العلماء، وقال أشهب: إن نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر أُكِل، ولكنه يكره، وفرّق ابن بكير بين الغنم والإبل فقال: يؤكل البعير بالذبح ولا تؤكل الشاة بالنحر، ولم يختلفوا في جواز ذلك في موضع الضرورة.

وسبب اختلافهم معارضة الفعل للعموم، فأما العموم فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنهر الدم، وذُكر اسم الله عليه فكلوا"، متّفقٌ عليه، وأما الفعل فإنه ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نَحَر الإبل والبقر، وذبح الغنم، وإنما اتفقوا على جواز ذبح البقر، لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من ذكر المذاهب وأدلّتها أن ما ذهب إليه الجمهور أن المستحبّ نحر الإبل، وذبح البقر، فإن ذبح ما يُنحر، أو نحر ما يُذبح جاز؛ لقوّة حجته، كما سلف آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣١٩٣] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ (ح) وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَيي أَبِي، حَدَّثَنَا ابْن جُرَيْجٍ،


(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٢٠٢ - ٢٠٤.