للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بذلك، فتقدّم على ما اقتضاه مفهوم حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا من أنه -صلى الله عليه وسلم- ذبح بقرة عن أزواجه، وهنّ أكثر من سبعة، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

[تنبيه آخر]: اختُلِف في أن البقرة المذكورة في حديث عائشة -رضي الله عنها- عند مالك، والشيخين كانت أضحية أو هديًا، وبكلا اللفظين وردت الروايات، فرَوَى البخاريّ في "الأضاحي"، ومسلم أيضًا من طريق ابن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، بلفظ: "ضحّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر"، وأخرجه مسلم من طريق ابن الماجشون، عن عبد الرحمن، بلفظ: "أهدى" بدل "ضحى"، قال الحافظ: والظاهر أن التصرف من الرواة؛ لأنه ثبت في الحديث ذكر النحر كما تقدم، فحمله بعضهم على الأضحية، فإن رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- صريحة في أن ذلك كان عمن اعتمر من نسائه، فقويت رواية من رواه بلفظ: "أهدى"، وتبيّن أنه هدي التمتع، فليس فيه حجة على مالك في قوله: "لا ضحايا على أهل منى"، وتبيّن توجيه الاستدلال به على جواز الاشتراك في الهدي، والأضحية. انتهى كلام الحافظ.

وهذا كما ترى يدل على أنه مال إلى أن البقرة المذكورة كانت هديًا، ونَحَى في "كتاب الأضاحي" إلى كونها أضحية، حيث قال: قوله: "ضحى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه بالبقر" ظاهر في أن الذبح المذكور كان على سبيل الأضحية، وحاول ابن التين تأويله ليوافق مذهبه، فقال: المراد أنه ذبحها وقت ذبح الأضحية، وهو ضُحى يوم النحر، قال: وإن حُمِل على ظاهره، فيكون تطوعًا، لا على أنها سنة الأضحية، كذا قال، ولا يخفى بُعده.

واستدل به الجمهور على أن أضحية الرجل تجزئ عنه، وعن أهل بيته، وخالف في ذلك الحنفية، وادَّعَى الطحاوي أنه مخصوص، أو منسوخ، ولم يأت لذلك بدليل. انتهى.

وهذا كما ترى رَجَّحَ ها هنا خلاف ما رجحه في "كتاب الحج".

وذهب ابن القيم: إلى أن الصواب رواية الهدي، فقد قال بعد ذكر مذهب ابن حزم: إن الحاج شُرع له التضحية مع الهدي: والصحيح إن شاء الله أن هدي الحاجّ له بمنزلة الأضحية للمقيم، ولم ينقل أحد أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه جمعوا بين الهدي والأضحية، بل كان هديهم هو أضاحيهم، فهو هدي