للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أراد بالسماء الغيث، وبالضمير الراجع إليه من "رَعَيناه" النبت، والسماء يُطلق عليهما.

والثاني: كقوله [من الكامل]:

فَسَقَى الْغَضَى وَالسَّاكِنِيهِ وَإنْ هُمُ … شبّوه بَيْنَ جَوَانِحِي وَضُلُوعِي

أراد بأحد الضميرين الراجعين إلى "الْغَضَى" وهو المجرور في "الساكنيه" المكان، وبالآخر، وهو المنصوب في "شبّوه" النار، أي أوقدوا بين جوانحي نارَ الغضى، يعني نار الهوى التي تُشبه نار الغضى، قاله الجرجانيّ (١).

ومعنى الاستخدام في هذا الحديث أن قولها: "حلال" خبر قولها:

"ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-"، فهو بمعنى غير محرم بالحجّ، أو العمرة، والضمير في قولها: "منه" راجع إلى "حلال" بمعنى ضدّ الحرام، تعني أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يحرم عليه بسبب إرسال الشاء شيء مما هو حلال له قبل ذلك، والله تعالى أعلم.

ووقع في رواية النسائيّ بلفظ: "كنا نقلّد الشاة، فيُرسل بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلالًا، لم يُحرم من شيء"، فـ "لم يُحرِم" بضمّ حرف المضارعة، أي لم يصر -صلى الله عليه وسلم- محرمًا من شيء كان حلالا له.

والحديث متّفقٌ عليه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رَحمه اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٢٠٦] ( … ) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ ابْنَ زِيادٍ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ، حَتَّى يُنْحَرَ الْهَدْيُ، وَقَدْ بَعَثْتُ بِهَدْيِي، فَاكْتُبِي إِلَىَّ بِأَمْرِكِ، قَالَتْ عَمْرَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- شَىْءٌ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ).


(١) "تعريفات السيد الجرجانيّ" ص ١٧، ١٨.