للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وحدّثنا يعقوب، حدّثنا هشام، عن أبيه بلغ عائشة، أن زيادًا بعث بالهدي، وتجرد، فقالت: إن كنت لأفتل قلائد هدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم يبعث بها، وهو مقيم عندنا، ما يجتنب شيئًا.

وروى مالك في "الموطأ" عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيميّ، عن ربيعة بن عبد الله بن الْهُدير، أنه رأى رجلًا متجردًا بالعراق، فسأل عنه، فقالوا: إنه أمر بهديه أن يُقَلَّد، قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير، فذكرت له ذلك، فقال: بدعة ورب الكعبة.

ورواه ابن أبي شيبة عن الثقفيّ، عن يحيى بن سعيد، أخبرني محمد بن إبراهيم، أن ربيعة أخبره، أنه رأى ابن عباس، وهو أمير على البصرة في زمان عليّ متجردًا على منبر البصرة، فذكره، فعُرف بهذا اسمُ المبهم في رواية مالك (١).

(قَالَتْ عَائِشَةُ) -رضي الله عنها- (لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسِ) -رضي الله عنهما-، فيه تعقُّب بعض العلماء على بعض، وردّ الاجتهاد بالنصّ (أنا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدَيَّ) بصيغة التثنية، ويَحْتَمِل أن يكون بصيغة الإفراد؛ لأنه مفرد مضاف، فيعمّ، وفيه رفع مجاز أن تكون أرادت أنها فتلت بأمرها.

(ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي جعل تلك القلادة في عنقها، وإنما أنّث الضمير؛ لكون الهدي اسم جنس، واحده هدية بالتاء، كما سبق، واسم الجنس يجوز تذكيره وتأنيثه، كما هو مقرّر في محلّه من كتب النحو (٢)، تقول: قام القوم، وقامت القوم، وجاء الرهط، وجاءت الرهط، والله تعالى أعلم.

وقولها: (بِيَدِهِ) بالإفراد، وهو مفرد مضاف، فيعمّ اليدين، وفي رواية البخاريّ: "بيديه" بالتثنية، قال ابن التين رحمه اللهُ: يَحْتَمِل أن يكون قول عائشة -رضي الله عنها-: "ثم قلَّدها بيده" بيانًا لحفظها للأمر، ومعرفتها به، ويَحْتَمِل أن تكون أرادت أنه -صلى الله عليه وسلم- تناول ذلك بنفسه، وعَلِمَ وقت التقليد، ومع ذلك فلم


(١) راجع: "الفتح" ٤/ ٦٥٢.
(٢) راجع: "حاشية الخضريّ على شرح ابن عقيل على الخلاصة" ١/ ٢٤١.