شرط الواقف النظر لنفسه، وشرط أجرة، هل يصحّ هذا الشرط؟ وقال النوويّ: الأرجح هنا جوازه، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: ويتقيد ذلك بأجرة المثل. انتهى.
٦ - (ومنها): أن فيه جواز ركوب الهدي ما لم يضرّ به الركوب؛ لحديث جابر -رضي الله عنه- الآتي:"اركبها بالمعروف"، وهذا متّفق عليه بين العلماء، قال وليّ الدين: قال الشافعية، والحنفية: ومتى نقصت بالركوب ضمن النقصان، ومقتضى نقل ابن عبد البرّ عن مالك أنه لا يضمن. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لا يخفى أن ما نُقِل عن مالك هو ظاهر الحديث، فتأمّل، والله تعالى أعلم.
٧ - (ومنها): أنه قال الشافعية، والحنفية: كما يجوز ركوبها، يجوز الحمل عليها، ورواه ابن أبي شيبة، عن عطاء، وطاوس، ومنع مالك الحمل عليها، وقال: لا يركبها بالْمِحْمَلَ، حكاه ابن المنذر، وظاهر إطلاق الحديث أن له أن يركبها كيف شاء، ما لم يضرّ بها، والحمل مقيس على الركوب. أفاده وليّ الدين رحمه اللهُ.
٨ - (ومنها): ما قيل: إنه كما يجوز له الركوب بنفسه يجوز له إقامة غيره في ذلك مقامه بالعارية، وحَكَى ابن المنذر عن الشافعيّ أنه قال: له أن يحمل الْمُعْيي، والمضطرّ على هديه، ونقل القاضي عياض الإجماع على منع إجارتها؛ لأنها بيع للمنافع.
٩ - (ومنها): أن بعضهم ألحق بالهدايا في ذلك الضحايا، فله أن يركبها إذا احتاج إلى ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم ركوب الهدايا:
(اعلم): أنهم اختلفوا في هذا على مذاهب:
(أحدها): الجواز مطلقًا، حكاه ابن المنذر عن عروة بن الزبير، وأحمد، وإسحاق، وكذا حكاه النوويّ في "شرحي مسلم، والمهذب" عنهم، وعن مالك في رواية، وعن أهل الظاهر، وحكاه الخطابيّ عن أحمد، وإسحاق، وصرّح عنهما بأنهما لم يشترطا منه حاجة إليه. وهذا هو الذي جزم به الرافعيّ،