للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سلمة (فَذَكَرَ) سنان (لَهُ) أي لابن عبّاس -رضي الله عنهما- (شَأنَ بَدَنَتِهِ) أي قصّتها، وما حدث بها (فَقَالَ) ابن عبّاس -رضي الله عنهما- (عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ) أي وقعت على الشخص الذي هو خبير بحكمها، حيث سمعه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال في "جمهرة الأمثال": يقول: إنك سألت عن الأمر الخبيرَ به، والخبيرُ: العالم، والْخُبْر: العلم، والْخِبْرة: التجربة؛ لأن العلم يقع معها، وفي القرآن: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}، وقوله تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}، والسقوط ها هنا بمعنى المصادفة، ومثله قولهم: سقط العشاء به على سرحان، أي صادف به السرحان. انتهى (١).

وقال في "مجمع الأمثال": "الخبير": العالم: والْخُبْر: العلم، و"سَقَطتَ": أي عَثَرَت، عَبَّر عن العثور بالسقوط؛ لأن عادة العاثر أن يسقط على ما يَعْثُر عليه، يقال: إن المثل لمالك بن جبير العامريّ، وكان من حكماء العرب، وتمثّل به الفرزدق للحسين بن عليّ -رضي الله عنهما- حين أقبل يريد العراق، فلقيه، وهو يريد الحجاز، فقال له الحسين -رضي الله عنه-: ما وراءك؟ قال: على الخبير سقطتَ، قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية، والأمر ينزل من السماء، فقال الحسين -رضي الله عنه-: صدقتني. انتهى (٢).

وقال في "المستقصى في أمثال العرب": سأل حارثةُ بن عبد العزيز العامريُّ مالك بن حنيّ العامريّ، وكانت بينهما منافرة، عن أول من قُرِعت له العصا، فقال: "على الخبير سقطتَ، وبالحليم أحطت"، وهو أول من قاله، وسأل الحسين بن عليّ -رضي الله عنهما- الفرزدق عن أهل الكوفة، فقال: على الخبير سقطت، قلوب الناس معك، وأسيافهم مع بني أمية، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما دَرّ على معاشهم، وإن امتخضوا قَلّ الديانون منهم، والأمر ينزل من السماء، يُضْرَب للعالم بالأمر، قال ربيعة الأسديّ [من الوافر]:

وَسَائِلَةٍ تُسَائِلُ عَنْ أَبِيهَا … فَقُلْتُ لَهَا وَقَعْتِ عَلَى الْخَبِيرِ (٣)

وفيه دليل لجواز ذكر الإنسان بعض ممادحته؛ للحاجة، وإنما ذَكَر ابن


(١) "جمهرة الأمثال" ٢/ ٤٦.
(٢) "مجمع الأمثال" ٢/ ٢٤.
(٣) "المستقصى في أمثال العرب" ٢/ ١٦٤.