للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أيضًا (١)، وقد ثبت التخفيف عن الحائض بحديث صفية -رضي الله عنها- حين قالوا: يا رسول الله إنها حائض، فقال: "أحابستنا هي؟ " قالوا: يا رسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: "فلتنفر إذًا"، ولا أمرها بفدية ولا غيرها، وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أُمِر الناسُ أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفّف عن المرأة الحائض"، والحكم في النفساء كالحكم في الحائض. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر من بيان أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن الحقّ هو ما عليه الجمهور من أن الحائض ومثلها النفساء لا يجب عليها طواف الوداع، ويُعتذر عن عمر -رضي الله عنه- بأنه لم يبلغه حديث الرخصة، وإلا لكان أولى الناس عملًا به، ورجوعًا إليه، كما فعل ابنه عبد الله، وكما فعل زيد بن ثابت -رضي الله عنهم-، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٢٢٢] ( … ) - (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِم، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذْ قَالَ زيدُ بْنُ ثَابِتٍ: تُفْتِي أَنْ تَصْدُرَ الحَائِضُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِمَّا لَا فَسَلْ (٢) فُلَانَةَ الْأنصَارِيَّةَ، هَلْ أَمَرَهَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: فَرَجَعَ زيدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: مَا أرَاكَ إِلَّا قَدْ صَدَقْتَ).


(١) رجوع ابن عمر صحيح، فقد روى البخاريّ في "صحيحه" من طريق عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: "رُخِّص للحائض أن تنفر إذا أفاضت"، قال: وسمعت ابن عمر يقول: إنها لا تنفر، ثم سمعته يقول بعدُ: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رَخَّص لهنّ. قال الحافظ: قوله: "ثم سمعته يقول بعدُ" إن ذلك كان قبل موت ابن عمر بعام، كما وقع للطحاويّ من رواية عُقَيل، عن الزهري، عن طاوس. انتهى.
(٢) وفي نسخة: "فاسأل".