"وأجاف عليهم عثمان بن طلحة الباب"، وكان ذلك بأمره -صلى الله عليه وسلم-، ففي رواية أيوب، عن نافع الآتية:"وأَمَرَ بالباب، فأُغلق".
وزاد في رواية حسان بن عطية، عن نافع، عند أبي عوانة:"من داخل". ووقع في "الموطإ" بلفظ: "فأغلقاها"، فالضمير لعثمان وبلال، وفي رواية للشيخين:"فأغلقوا"، والجمع بين الروايات أن عثمان هو المباشر لذلك؛ لأنه من وظيفته، وأما ضم بلال فلعله ساعده في ذلك، ورواية الجمع يدخل فيها الآمر بذلك والراضي به.
(عَلَيْهِ) أي: على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وفي الرواية الآتية:"عليهم" وهو ظاهر، وإنما أُغلق الباب؛ لئلا يزدحم الناس عليه؛ لتوافر دواعيهم على مراعاة أفعاله -صلى الله عليه وسلم- ليأخذوها عنه، أو ليكون ذلك أسكن لقلبه، وأجمع لخشوعه، وقيل: لئلا يكثر الناس فيصلّوا بصلاته، ويكون ذلك عندهم من المناسك كما فعل في صلاة الليل في رمضان.
وقال في "الطرح": قال ابن بطال: وأما غلق الباب -والله تعالى أعلم- حين صلى في البيت؛ لئلا يَظُنّ الناس أن الصلاة فيه سنّة، فيلزمون ذلك.
وقال النوويّ: إنما أغلقها عليه -صلى الله عليه وسلم-، ليكون أسكن لقلبه، وأجمع لخشوعه، ولئلا يجتمع الناس، ويدخلوه، أو يزدحموا، فينالهم ضرر، ويتهوش عليه الحال بسبب لغطهم. انتهى.
قال وليّ الدين: وما ذكره النووي أظهر، وأما ما ذكره ابن بطال، فضعيف، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لا يخفي صلاته في البيت، وقد شاهدها جماعة، ونقلوها، وقيل: إنما أغلقها ليصلي إلى جميع جهاتها، فإن الباب إذا كان مفتوحًا، وليس أمامه قدر مؤخرة الرحل لم تصح الصلاة، حكاه المحب الطبري، انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله النوويّ -رحمه الله- أوضح، كما قال وليّ الدين، والقولان الآخران ليسا بشيء، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
وقد استَدَلَّ البخاري بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا على جواز اتخاذ الغَلَق