يَذُبّ عنه الناس"، وكأنه جاء بعدما دخل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأُغلِق (١).
(مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟) "ما" استفهامية؛ أي: أيَّ شيء صنع في داخل البيت، أصلّى فيه، أم لا؟ وفي رواية جويرية، ويونس، وجمهور أصحاب نافع: "فسألت بلالًا أين صلى؟ "، اختصروا أول السؤال، وثبت في رواية سالم حيث قال: "هل صلى فيه؟ قال: نعم"، وكذا في رواية مجاهد، وابن أبي مليكة، عن ابن عمر: "فقلت: أصلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة؟ قال: نعم".
فظهر أنه استثبت أوّلًا، هل صلى أَوْ لا؟ ثم سأل عن موضع صلاته من البيت.
ووقع في رواية يونس، عن ابن شهاب الآتية في الباب: "فأخبرني بلالٌ، أو عثمان بن طلحة" على الشك، والمحفوظ أنه سأل بلالًا، كما في رواية الجمهور.
ووقع عند أبي عوانة من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن ابن عمر: "أنه سأل بلالًا، وأسامة بن زيد حين خرجا، أين صلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيه؟ فقالا: على جهته"، وكذا أخرج البزار نحوه، ولأحمد، والطبرانيّ من طريق أبي الشعثاء، عن ابن عمر قال: "أخبرني أسامة أنه صلى فيه ها هنا".
ويأتي لمسلم، والطبرانيّ من وجه آخر: "فقلت: أين صلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟ قالوا"، فإن كان محفوظًا حُمِل على أنه ابتدأ بلالًا بالسؤال، كما تقدم تفصيله، ثم أراد زيادة الاستثبات في مكان الصلاة، فسأل عثمان أيضًا، وأسامة، ويؤيد ذلك قوله في رواية ابن عون الآتية: "ونسيت أن أسألهم كم صلى؟ " بصيغة الجمع.
قال الحافظ -رحمه الله-: وهذا أولى من جزم عياض بوهم الرواية التي أشرنا إليها من عند مسلم، وكأنه لم يقف على بقية الروايات.
قال: ولا يعارض قصته مع قصة أسامة ما أخرجه مسلم أيضًا من حديث ابن عباس؛ أن أسامة بن زيد أخبره: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يُصَلِّ فيه، ولكنه كبّر في نواحيه"، فإنه يمكن الجمع بينهما بأن أسامة حيث أثبتها اعتَمَد في ذلك على