ونقل اللفظ الثالث عن يحيى بن يحيى النيسابوريّ، وبندار، عن بشر بن عمر، والربيع، عن الشافعيّ، كلهم عن مالك، قال: ورواه عثمان بن عمر، عن مالك، فقال فيه:"جعل عمودين عن يمينه، وعمودين عن يساره"، وقال: ولم يُتَابَع على هذه الرواية، قال: والرواية الأولى أولى بالصواب، إن شاء الله.
وصحح البيهقيّ أيضًا هذه الرواية.
وقال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": وهي موافقة لكونه مقابل الباب، وفي رواية في "الصحيح" أيضًا: "صلى بين العمودين اليمانيين".
وإذا تقرر ترجيح الرواية الأولى، فلا ينافيها قوله في الرواية الثانية:"عمودًا عن يمينه، وعمودًا عن يساره"؛ لأن معناها: صلى بين عمودين، وإن كان بجانب أحد العمودين عمود آخر، ولا قوله في الرواية الأخيرة:"بين العمودين اليمانيين"، فإن العَمَد الثلاثة، أحدها يمانيّ، وهو الأقرب إلى الركن اليمانيّ، والآخر، وهو الأقرب إلى الحجر شاميّ، والأوسط بينهما، إن قُرن بالأول، قيل: اليمانيان، وإن قرن بالثاني، قيل: الشاميان، ذكره المحبّ الطبريّ، وهو واضح.
وأما الرواية الثالثة، فإنه يَتَعَذَّر الجمع بينها، وبين الأولى، فهي ضعيفة؛ لشذوذها، ومخالفتها رواية الأكثرين، كما تقدم.
وأما الرواية الرابعة، فهي مقطوع بوهمها؛ إذ ليس هناك أربعة أعمدة، حتى يكون عن يمينه اثنان، وعن يساره اثنان. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في فوائده:
١ - (منها): بيان استحباب دخول الكعبة، لكنه مشروط بأن لا يؤذي أحدًا، وسيأتي البحث فيه في المسألة الخامسة- إن شاء الله تعالى-.
٢ - (ومنها): بيان جواز الصلاة في الكعبة، وسيأتي بيان اختلاف العلماء في ذلك في المسألة السادسة -إن شاء الله تعالى-.