والحاصل: أن السنة لمن أحرم بأحد النسكين أن يبدأ بالطواف، ومعلوم أن الطواف بعده ركعتان، وأما غيره فإن أراد أن يطوف طاف، وصلى ركعتين، وإلا صلى ركعتين، بدليل حديث الباب، والله تعالى أعلم بالصواب.
١٢ - (ومنها): بيان مشروعية إغلاق الكعبة، ويقاس عليها غيرها من المساجد، وقد قيل في قوله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}[النور: ٣٦]: إن المراد إغلاقها في غير وقت الصلاة.
وبوّب الإمام البخاريّ -رحمه الله- في "صحيحه" على هذا الحديث: "باب الأبواب، والغَلَق للكعبة والمساجد".
وقال ابن بطال -رحمه الله-: اتخاذ الأبواب للمساجد واجب؛ لِتُصان عن مكان الرِّيَبِ، وتنزّه عما لا يصلح فيها في غير الطاعات، قاله وليّ الدين: -رحمه الله- (١).
قال الجامع عفا الله عنه: ويدلّ له حديث عائشة -رضي الله عنهما-، قالت:"أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببناء المساجد في الدور، وأن تُنَظَّف، وتُطَيَّب"، وهو حديث صحيح رواه أصحاب السنن إلا النسائيّ، وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه-، قال:"أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتخذ المساجد في ديارنا، وأمرنا أن ننظفها". رواه أحمد بإسناد صحيح، والترمذي، وصححه، والمراد بالدار: المحلة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في هذا الحديث استحباب دخول الكعبة، اقتداء بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا متَّفقٌ عليه، وقد ورد الترغيب فيه في حديث رواه البيهقيّ، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من دخل البيت دخل في حسنة، وخرج من سيئة مغفورًا له"، قال البيهقيّ: تفرد به عبد الله بن المؤمل، وهو ضعيف.
وقال المحب الطبريّ: هو حديث حسنٌ غريبٌ.
قال الجامع عفا الله عنه: كيف يكون حسنًا، وقد تفرّد عبد الله بن المؤمّل، وهو ضعيف؟ والحقّ أنه ضعيف، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
ومحلّ استحبابه إذا لم يؤذ بدخوله أحدًا لزحمة ونحوها، قال