ركعتين، نعم رواها النسائيّ من رواية أبي نعيم، وفيها ذكر الركعتين، وروى النسائي أيضًا عن ابن أبي مليكة أن ابن عمر، قال:"دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكعبة … " الحديث، وفيه:"فسألت بلالًا، هل صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة؟ قال: نعم ركعتين بين الساريتين".
قال وليّ الدين العراقيّ -رحمه الله-: ولم يستحضر النوويّ -رحمه الله- في "شرح مسلم" رواية البخاري، فاقتصر على ذكر ما في "سنن أبي داود" بإسناد فيه ضعف، عن عبد الرحمن بن صفوان، قال:"قلت لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: كيف صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين دخل الكعبة؟ قال: صلى ركعتين"، ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" من هذا الوجه، عن صفوان، أو ابن صفوان:"أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صلى في البيت ركعتين حين دخله". قال وليّ الدين: ولم أتوقف في رواية البخاري لاستغراب كونه -صلى الله عليه وسلم- صلى ركعتين، فإن هذا هو المعروف من عادته، إنما توقفت فيها لقول ابن عمر: ونسيت أن أسأله، كم صلى؟ وهو في "الصحيحين"، قال: وقال والدي: يَحْتَمِل أنه لم يسأله عن ذلك، وإنما أخبره به بلال بغير سؤال، وفيه بُعد؛ لأنه لم يكن حينئذ يلوم نفسه على ترك السؤال؛ لحصول مقصوده بدونه، وَيحْتَمِل أن ابن عمر حُدّث به من قبل أن يسأل بلالًا، ثم سال بلالًا بعد ذلك، أو حدّث به بلال بعد ذلك، فذكر فيه أنه صلى ركعتين، وفيه بُعد أيضًا؛ لأن بعض من حدثه عنه بكونه لم يسأل بلالًا عن ذلك إنما سمع منه بعد وفاة بلال.
ويَحْتَمِل أن ابن عمر، وإن سمع من بلال أنه صلى ركعتين، لم يكتف بذلك في أنه لم يصلّ غيرهما؛ لأن من صلى أربعًا أو أكثر يصدق عليه أنه صلى ركعتين على القول بأن مفهوم العدد ليس بحجة، كما هو المرجح في الأصول، فيكون الذي نسي أن يسأله عنه، هل زاد على الركعتين شيئًا، أم لا؟ انتهى كلام وليّ الدين -رحمه الله- (١).
قال الجامع عفا الله عنه: ولا يخفى بُعد الاحتمال الأخير أيضًا، والله تعالى أعلم.